وعلى فرض ظهور منها ، لا نسلّم مقاومتها للأدلّة السابقة بحيث يغلب عليها ، سيّما بملاحظة أنّ شغل الذمّة اليقيني يستدعي البراءة اليقينيّة.
مع أنّ القاعدة وجوب الإتيان بالاستقبال مهما أمكن ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم» (١) وقول علي عليهالسلام : «الميسور لا يسقط بالمعسور» (٢) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه» (٣) ، مضافا إلى الاستصحاب والعمومات.
تنبيه :
على ما اخترناه إذا توجّه إلى غير القبلة في أثناء الصلاة من دون حاجة إليه ، فلا شكّ في بطلانها.
واذا احتاج إليه ، فهل يجب تحرّي الأقرب إلى القبلة؟ فالأقرب مع التمكّن منه ، لأنّ الميسور لا يسقط بالمعسور ، وما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه ، لأنّه نوع عناية بشأن مطلوب الآمر وخلافه نوع عدم عناية به عرفا ، بما يمدحون الأوّل ويلومون الثاني (٤) فتأمّل ، أو لا يجب أصلا؟ كما قيل (٥) ، لأنّ الواجب تعذّر ، وباقي الجهات متساوية بالنسبة إليه ، ولا يخفى أنّ الأوّل أحوط وأولى بالمراعاة في العمل.
وهل يجوز الصلاة في تلك الحال في السعة ، أم لا بدّ من الضيق؟ مقتضى القواعد الثاني ، للعمومات الدالّة على الاستقبال والاستقرار والقيام والركوع
__________________
(١) عوالي اللآلي : ٤ / ٥٨ الحديث ٢٠٦ مع اختلاف يسير.
(٢) عوالي اللآلي : ٤ / ٥٨ الحديث ٢٠٥ مع اختلاف يسير.
(٣) عوالي اللآلي : ٤ / ٥٨ الحديث ٢٠٧.
(٤) في (د ٢) : ويذمّون الثاني ، وفي (د ١) : ويلومون الآخر ، وفي (ز ٣) : ويذمّون الآخر.
(٥) ذخيرة المعاد : ٢١٩ و ٢٢٠.