صحيحين متعدّدين ، إذ الريبة لا أقلّ منهما جزما ، وإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال.
وعلى فرض رجحان ما في التعدّد أيضا لا يكون وثوق تامّ فيه ، مع أنّه على فرض الوثوق ليس مثل القطع ، وقد عرفت أنّ المعارض أخبار متعدّدة قطعا.
والظنّ كيف يعارض القطع ، والعددان كيف يعارض (١) العدد الذي لا يكاد يحصى؟ إذ كلّما ازداد عدد الحديث ازداد القوّة في السند وفي الدلالة جميعا ، إذ بالتعاضد يتقوّى الدلالة قطعا ، وعلى قدر التعاضد يكون قدر القوّة ، وبازدياده يزداد إلى أن يكاد يصل إلى القطع ، بل وربّما يحصل القطع في الدلالة ، كما يحصل في السند ، كما في المتواتر بالمعنى.
هذا ، مع أنّ الأكثر عددا راجح في النظر بالنسبة إلى الأقل مع التساوي في غير ذلك ، فإذا كان الراجح في نظر الفقيه أنّ الحكم الشرعي كذا ، يصير معارضه مرجوحا ، يعني مرجوح كونه حكم الشرع ، فكيف يجوز ترجيح المرجوح على الراجح ، وتخريب الراجح من جهته؟
إذ الظاهر أنّه ليس حكم الله كيف يصير الظاهر أنّه حكم الله تعالى ، والظاهر أنّه حكم الله تعالى كيف يصير الظاهر أنّه ليس حكم الله؟ وما ليس حكم الله ظاهرا كيف يصير حجّة؟ إذ المحتمل بمجرّد الاحتمال لا يمكن جعله حكم الله أصلا ، فكيف إذا كان مرجوحا؟ سيّما وأن يرجح على الراجح ، ويخرب الراجح بسببه ، ويرجع الراجح إلى المرجوح ، إذ لا شكّ في فساد ذلك عقلا ونقلا وإجماعا.
فإذا كان مجرّد الأكثريّة كذلك فما ظنّك بما هو أكثر بما لا يكاد يحصى؟ مضافا إلى أنّه مع غاية كثرته عددا وغاية اعتضاده دلالة وسندا مشتهر بين الأصحاب ،
__________________
(١) كذا في النسخ ، والصحيح : يعارضان.