وممّا ذكر ظهر الحال فيما ذكره الفقهاء من وجوب قصد تعيين السورة عند قراءة البسملة ، بأن يجعلها بسملة تلك السورة وجزءا لها ، إلّا أن [تكون] عادته أنّه يقرأ هذه البسملة لسورة معيّنة ، أو كثيرا ما يقرأ كذلك ، أو في وقت معيّن قراءتها كذلك.
والحاصل ، أن يكون في قلبه ما يميل إلى تلك السورة ويرجّحها ، إلّا أن يكون متردّدا بعد ذلك في أنّه أيّ سورة يختارها.
وبالجملة ، لو خلّي وطبعه بعد فراغه من البسملة لو كان بحيث يتوجّه إلى سورة معيّنة من دون تغيّر في حاله عند قراءة البسملة وعند الشروع في السورة ، بل بتلك الحالة يشرع في البسملة فهذه البسملة بقصد تلك السورة البتّة ، لأنّ الترجيح محال بالبديهة.
وكذا الترجيح من دون مرجّح ، وإن كان يرجّح سورة بمرجّح بعد الفراغ من البسملة أو في أثناء البسملة ، يظهر أنّ مجموع البسملة لم يكن بقصد تلك السورة ، بل تحقّق القصد إليها من المرجّح ، والمرجّح فرع عدم رجحان وميل قبله.
وممّا ذكر ظهر أنّ غالب صور صدور البسملة عن المكلّفين بقصد سورة معيّنة عندهم ، لأنّهم بعد الفراغ من البسملة يشرعون في السورة بلا تردّد وتحيّر وترجيح بمرجّح بعد التردّد والتحيّر ، وإن كان الميل إلى تلك السورة ليس مخطرا ببالهم ، كما هو الحال في النيّة في مقام الاستدامة التي يسمّونها بالاستدامة الحكميّة.
وقد عرفت أنّ الاستدامة لا معنى لها ، بل محال صدور الفعل بمجرّد أمر عدميّ.
وقد عرفت أنّ في الذهن خزانة وقوّة ليس الصورة الموجودة فيها مدّ النظر ، ومخطرة بالبال ولا منعدمة بحيث لا يؤثّر ، بل يؤثّر جزما ، وليس مثل النسيان ، إذ حال النسيان لا يؤثّر قطعا.