نعم ، لو قرأ البسملة متحيّرا في أنّه أيّ سورة يختار بعدها ثمّ يختار ، فهذا هو الذي حكم الأصحاب بفساده ، بناء على كون البسملة عند الشيعة جزء السورة قطعا.
ومعلوم أنّ الجزء داخل في الكلّ ، فلو قرأ السورة بغير البسملة الداخلة فيها قرأ سورة ناقصة ، كما إذا قرأ البسملة بقصد سورة «إنّا انزلناه» ، وقرأ بعدها (إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) السورة ، أو قرأ البسملة بقصد الطعن على شخص أو على الله تعالى.
وعرفت عدم الفرق بين قصد التعيين وقصد القربة ، في كونهما شرطا في صحّة العبادة ، في تحقّق الامتثال والخروج عن العهدة.
ومعلوم أنّه كما أنّ قصد القربة شرط في كلّ جزء جزء ، فكذلك قصد التعيين ، ولهذا قال الفقهاء : لو قصد بجزء الصلاة غير الصلاة بطلت ، كما مرّ.
وبالجملة ، كلّ جزء جزء من أجزاء الحمد مثلا فعل اختياري لا يصدر من المكلّف إلّا بعلّة غائيّة ، فإن كانت امتثال أمر الله فلا بدّ أن يعلم أنّه أمر الله به ، وأنّه لأجل ذلك يفعل ، وأمر الله به ليس إلّا كونه جزء حمد امر بقراءة مجموعه ، فلا بدّ من تعيين كونه جزء الحمد المأمور به حتّى يتحقّق الامتثال ، كما قلنا في قصد التعيين للصلاة.
وعند الفقهاء أيضا أنّه لا بدّ من نيّة القربة والتعيين في كلّ جزء ، فلو فعل جزء لغير الله أو بقصد غير الصلاة بطلت صلاته ، والمصلّون لله يفعلون ما ذكر بالنسبة إلى كلّ جزء من الحمد والسورة ، وكذا البسملة في الحمد لتعيّن ذلك عند ناوي التعيين والقربة ، ولذا لم يتعرّض الفقهاء لذلك ، لأنّهم اكتفوا ممّا ذكروا من وجوب القصدين في مجموع الصلاة.