والظاهر أنّ الإماميّة لم يكونوا قائلين بالوجوب بالمعنى الاصطلاحي ، وإلّا لاشتهر بينهم اشتهار الشمس ، سيّما في زمان الصدوق ، لكون الفريضة أعمّ شيء يعمّ به البلوى ، فكيف خفي على معاصريه مثل المفيد وغيره ، ومقاربي عصره مثل الشيخ وغيره من الفقهاء الفحول العظام ، إلى أن اتّفقوا على الاستحباب؟
بل لو كان صدر من الأئمّة عليهمالسلام وجوبهما ، لكان الشيعة يلزمون بوجوب قراءتهما ويلتزمون ، بل وحفظهما ـ كما التزموا حفظ فاتحة الكتاب ـ أو تجويز قراءتهما من المصحف ـ يعني وجوبها إن لم يحفظوا ـ أو تحصيل القراءة مهما تيسّر ، وارتكاب مقدّمات ذلك.
وكان على ذلك ، المدار في الأعصار والأمصار ، فكيف صار الأمر بالعكس؟
مع أنّ القول بالوجوب ربّما يؤدّي إلى العسر والحرج ، وهذا لا يناسب الملّة السهلة السمحة وقوله تعالى (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) (١) سيّما بالنسبة إلى النساء ، بل العوامّ أيضا.
قوله : (وأن يقرأ).
هذا على ما قاله بعض الأصحاب (٢) ، موافقا لرواية أبي الصباح عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : «إذا كان ليلة الجمعة فاقرأ في المغرب سورة «الجمعة» و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ، وفي العشاء سورة «الجمعة» و (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) ، وصلاة الغداة سورة «الجمعة» و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ، وصلاة الجمعة بالجمعة والمنافقين ، وصلاة العصر بالجمعة و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (٣). لكن عن الشيخ
__________________
(١) البقرة (٢) : ١٨٥.
(٢) الرسائل العشر : ١٤٦.
(٣) تهذيب الأحكام : ٣ / ٥ الحديث ١٣ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١١٩ الحديث ٧٥٠٠ نقل بالمعنى.