وفيه نظر ظاهر ، لإطلاق لفظ التشهّد من دون مخصّص ظاهر ، بل وظهور عدم التخصيص ، بملاحظة قوله عليهالسلام : «وإنّما التشهّد». إلى آخره ، في مقام التعليل ، لأنّ المراد أنّ التشهّد مثل القراءة سنّة لا تنقض الفريضة ، كما صرّح به في صحيحة زرارة (١) ، وظهر من غيرهما أيضا ـ سيّما مع كون العلّة المنصوصة حجّة ـ كما هو المحقّق المسلّم عند الخصم ، فعلى فرض ظهور المقام في الأخيرة ، يكفي العلّة المنصوصة ، بل لفظ «حتّى» في قوله : ينصرف ، ربّما كان له ظهور أيضا ، لأنّ الظّاهر منها وقوع امتداد في نسيان التشهّد إلى أن سلّم ، فإنّ الظاهر من الانصراف هو التسليم على ما ستعرف.
مع أنّه على تقدير كون المراد الانصراف عن المكان ، على ما يشير به قوله : «إن كان قريبا» فالظهور باق ، بملاحظة أنّ الامتداد المذكور قابل لتحقّقه في الأوّل أيضا ، لو لم نقل بأولويّته ، سيّما بملاحظة كون نسيان الثاني مع ارتكاب التسليم ، لعلّه أبعد تحقّقا من نسيان الأوّل ، والمعصوم عليهالسلام لم يستفصل في مقام الجواب.
وترك الاستفصال مع قيام الاحتمال المساوي يفيد العموم ، بل مع قيام الاحتمال المرجوح أيضا ، إذا كان مرجوحيّته ضعيفة ليست بتلك القوّة ، يعني لا يكون المتبادر من الإطلاق إلى احتمال الآخر تبادرا ظاهرا ، اللهمّ إلّا أن يقال بأنّ التخصيص بالثاني ، من جهة الجمع بين الأخبار ، وأنّه أقرب من تقييد كلّ من الطرفين بالآخر ، كما فعله الأكثر.
ولعلّ ذلك مراد الصدوق (٢) وجماعة حيث خالفوا الأكثر ، لكن تحصيل اليقين بالبراءة يقتضي ما اختاره الأكثر.
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٢٥ الحديث ٩٩١ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٤٠١ الحديث ٨٢٨٤.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٣٣ ، المقنع : ١٠٨.