فإذا ورد عنهم عليهمالسلام «ثمّ ينصرف» ، ينصرف هذا الانصراف إلى ذلك الانصراف ، وهو «السلام علينا» ، ولم يقولوا : يجب عليكم التسليم بعد ذلك ، وظاهره عدم الوجوب ، لاقتضاء المقام أنّه لو كان واجبا لكانوا يأمرون به البتّة ، ولا يسكتون عنه ، سيّما أن يقولوا : ثمّ يسجد بعد ما ينصرف.
والحاصل ، أنّ المستفاد من الأخبار أنّ الواجب هو الانصراف لا غيره ، وأنّه إذا وقع مسمّى الانصراف لم يجب بعد ذلك شيء ، بل صحيحة أبي بصير السابقة كالنصّ في ذلك (١) ، واعترف به المصنّف في قوله : نعم يستفاد من بعضها.
ربّما يظهر منه أنّ «السلام عليكم» حينئذ مطلوب في الجماعة لتسليم الإمام على المأموم ، وردّه عليه والظاهر استحبابه للمنفرد أيضا ، للموثّق الطويل (٢) وغيره ، وإن كان للإمام والمأموم أشدّ وأهمّ مطلوبا ، كما يظهر من تتبّع الأخبار ، ويحتمل الوجوب على الإمام والمأموم ، وسيجيء التحقيق.
فلو كان مراد الفاضلين ومن تبعهما ذلك فهو كذلك ، إلّا أنّ في تقديم «السلام عليكم» على «السلام علينا» ، وكونه مطلوبا بعده تأمّل ، لعدم ظهوره من نصّ ، بل الظاهر من النصّ كونه من التشهّد وتتمّته ، فكيف يقال بعد التسليم المخرج؟
ثمّ اعلم! أنّ في «المنتهى» بعد اختيار إحدى العبارتين قال : لا يقال : حجّتكم فعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإنّما هو سلّم بعبارة «السلام عليكم» ، ولأنّ الإجماع واقع على أنّ الخروج منحصر فيها أو فعل المنافي ، وعبارة «السلام علينا» ليست أحدهما.
لأنّا نقول : إنّا احتججنا بفعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على وجوب التسليم ، وجواز
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٩٣ الحديث ٣٤٩ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٤٢١ الحديث ٨٣٣٠.
(٢) مرّ آنفا.