آخره محمولا على الاستحباب أيضا ؛ لأنّ كون البعد مقدار ما لا يتخطّى ، وقدر مسقط جسد الإنسان إذا كان مستحبّا ، يكون الثاني أيضا كذلك ؛ لأنّه بعد بين الصفّين مقدار ما لا يتخطّى.
ويدلّ عليه أيضا ما في رواية ابن سنان من قوله : «وأكثر ما يكون مربط فرس» (١) ، ورواية ابن سنان صحيحة أيضا.
لكن إنّ أخذ الفاصلة بين مقام المتأخّر ومقام المتقدّم ما لا يتخطّى ، وجعل المراد منه قدر سقط الجسد ، بأن تكون الصفوف متواصلة لا يكون بينها فاصلة أصلا ورأسا ، ويكون منتهى رأس المتأخّر متّصلا بابتداء رجلي المتقدّم الاتّصال العرفي ، فالظاهر أنّه مستحبّ ؛ لما عرفت.
ولا شكّ في كون الحقّ مع المحقّق ؛ لأنّه عبارة عن عدم فاصلة بين الصفّين والصفوف أصلا ورأسا ، من دون مدخليّة ما لا يتخطّى ولا حدّ (٢) آخر ، ولا اشتراط عدم ازدياد فاصلة ؛ لأنّ ماهيّة الجماعة لا تتحقّق إلّا بما ذكر ، فكيف يجعل شرطا ، سيّما ويحلّ الشرط بعدم كونه القدر الذي لا يتخطّى من الفاصلة ، مع كونه التواصل من دون تفاصل؟!
ولو كان واجبا ومعتبرا في صحّة الصلاة ، لاشتهر غاية الاشتهار ، ووقع التعرّض له ، بل المبالغة في المراعاة في الأخبار ، واشتهر الفتوى به لا أقلّ ، مع أنّه لم يفت به أحد بحسب الظاهر ؛ لما عرفت من الفرق بين نفس ماهيّة شيء والشرط الخارج ، سيّما وتحديده وتعيينه بخصوص ما لا يتخطّى ، وجعل أقلّ منه فاصلة غير مضرّ.
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥٣ الحديث ١١٤٥ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤١٠ الحديث ١١٠٤٠.
(٢) في (د ١ ، د ٢) و (ك) : أو حدّ.