مع أنّ المتبادر من لفظ الصفّ مجموع القطر الذي يشغله جسد المصلّين في السجود وغيره ، لا خصوص موضع قيامهم ، فضلا أن يكون المتبادر خصوص الجزء الأوّل من أعقاب أقدامهم ، بل إرادة ذلك من الصفّ في غاية البعد ، بل ربّما لا يجوز كما لا يخفى.
مع أنّ حمل ما يتخطّى على خصوص مقدار مسقط جسد الإنسان [و] ما لا يتخطّى على خصوص أزيد من ذلك ، من دون قرينة ، فيه ما فيه. بل ومع القرينة يتوقّف على علاقة معتبرة في العربيّة متحقّقة بينها ، ولم نجدها ؛ فإنّ ما يتخطّى على سبيل المتعارف وفي المشي وتخطّيه أقلّ من مقدار مسقط الجسد المتعارف ، وإن جعل المراد ما يمكن تخطّيه فهو أزيد.
فحمل ما قاله أبو الصلاح من أنّه لا يجوز أن يكون بين الصفّين من المسافة ما لا يتخطّى (١) ، وما قاله السيّد من قوله : ينبغي أن يكون بين كلّ صفّين قدر مسقط الجسد فإن تجاوز ذلك إلى القدر الذي لا يتخطّى لم يجز (٢) ، وكذا كلام من وافقهما مثل الصدوق وغيره على ما ذكر (٣) ، فيه ما فيه. وكذا كلام غيره ، سيّما كلام الصدوق ، وكذا الصحيحة ، سيّما بملاحظة صحيحة ابن سنان.
وإن أخذ الفاصلة بين مجموع قطر الصفّ ، فظاهر أنّ مراد أبي الصلاح وغيره ، حرمة ما لا يتخطّى منها ، وكذلك الصحيحة ؛ لأنّها في غاية الظهور في فساد الجماعة ، وفساد صلاتهم.
ولا يعارضها ما ذكره الصدوق في صدرها ؛ لأنّ لفظ «ينبغي» معناه أعمّ من الواجب والمستحبّ ، فالمجمل مبيّن.
__________________
(١) الكافي في الفقه : ١٤٤.
(٢) نقل عنه في المعتبر : ٢ / ٤١٦.
(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥٣ الحديث ١١٤٣.