على أنّه على فرض أنّهم رجّحوا عدم الخروج عن الاسم وجواز السجود ، فكيف كانوا يحكمون بعدم جواز السجود على غير الأرض وجواز السجود عليه؟ ويكتفون بمجرّد هذا لبيان حكم جواز السجود على الخزف ويقنعون ، مع كونه محلّ الإشكال والتأمّل ، موقوفا على بذل جهد في الترجيح واجتهاد في الحكم ، وموقوفا على دليل ، لأنّه ليس من البديهيّات ، والنظري يحتاج إلى كسب ونظر؟
وكيف كانوا ، لا يظهرون أنّهم رجّحوا التجويز ، وأنّهم بسببه يحكمون بالجواز ، مع أنّهم إن لم يظهروا هذا ، فلا أقلّ من إظهارهم نفس التجويز وإفتائهم به ، فإنّه أشكل من سائر مسائلهم الاجتهاديّة ، وفتاواهم التي صرّحوا بها ، وأنّهم ألّفوا كتبهم لأجل إظهارهم ما أفتوا في المسائل النظريّة ، والأحكام الغير الضروريّة ، ولم يصنّفوا تصانيفهم في الفقه إلّا لما ذكر ، فكيف كانوا في أشكل ممّا هو أشدّ إشكالا لم يظهروا أصلا لا نفس فتاواهم ، ولا منشأها بوجه من الوجوه؟
ومع ذلك يكونون قاطعين بالجواز ، وعدم الخروج عن المتبادر من لفظ الأرض الخالي عن القرينة ، مع كونه أشكل النظريّات ، ولو سلّمنا قطعهم بذلك إجماعا ، لا جرم يكون ذلك ، كما لا يخفى.
مع أنّه رحمهالله في كثير من المسائل اكتفى بقطع الأصحاب وجعله علّة حكمه ، مثل ما فعل في نجاسة المني من كلّ حيوان له نفس سائلة ، وغير ذلك ممّا لا يحصى كثرة ، على أنّه رحمهالله كيف حكم أوّلا بالخروج عن اسم الأرض ، وجعله علّة لحكمه بأولويّة الاجتناب ، وناقش فيه بلا فصل؟!
مع أنّ صدق اسم الأرض على نفس الأرض المحترقة عرفا لو سلّم ، لا يقتضي صدقه على الأجزاء المنفصلة المنطبخة ، بحيث صارت خزفة وهل هذا إلّا إثبات اللغة بالقياس واتّفق العامّة على فساده فضلا عن الخاصّة؟!
مع أنّ صدق اسم الأرض على المحترقة عنها لا نسلّم كونه على سبيل