على أنّك عرفت أنّ الجمع بين الموثّقة والصحاح غير منحصر فيما ذكروه (١) ، سيّما مع ما فيه من المفاسد الظاهرة.
بل الأولى الجمع بما ذكرنا (٢) ، لو لم نقل بتعيّنه ، أو أنّ المراد صورة العدول ، وأنّه مبني على العدول ، كما يستفاد من كلام بعض الفقهاء ، أو يشير إليه كلامه (٣).
مع أنّ الجمع الذي ارتكبوه ـ مع قطع النظر عن مفاسده الكثيرة الواضحة ـ لا شاهد له أصلا ، وبمجرّد الاحتمال كيف يمكن الاستدلال؟ سيّما في مقام إثبات الحكم الشرعي ، وتحصيل البراءة اليقينيّة عند اشتغال الذمّة اليقيني.
وبالتأمّل فيما ذكرنا ظهر كمال الظهور أنّ المفيد بريء (٤) ممّا نسب إليه في «المدارك» أنّه في صورة السهو والخطأ موافق للجلّ ـ لو لم نقل الكلّ ـ وفي صورة العمد موافق الصدوق و «المبسوط» (٥) ، والظاهر أنّ غيره من القدماء أيضا كذلك.
فظهر أنّ الغفلة العظيمة صدرت عن الشيخ في كتابه «النهاية» (٦) ، ولذا تفطّن بها في كتبه الاخر ، منها «المبسوط» (٧) ، ومنها «الاستبصار» ؛ فإنّه قال : باب من رفع رأسه من الركوع قبل الإمام ، ثمّ استدلّ برواية محمّد بن سهل عن أبيه التي ذكرناها ، ثمّ نقل الموثّقة بعنوان فأمّا ما رواه ، وقال : فالوجه في هذا الخبر أحد شيئين ؛ أحدهما : أن يكون مصلّيا خلف من لا يقتدي به ، فإنّه لا يجوز أن يعود ، لأنّه يصير زيادة في الركوع ، والثاني : أن يكون فعل ذلك عامدا ، فإنّه أيضا لا يجوز
__________________
(١) راجع! الصفحة : ٣٣٢ ـ ٣٣٤ من هذا الكتاب.
(٢) راجع! الصفحة : ٣٣٤ ـ ٣٣٧ من هذا الكتاب.
(٣) الاستبصار : ١ / ٤٣٨ ذيل الحديث ١٦٨٩.
(٤) في (ك) و (د ١) : مبرّأ.
(٥) مدارك الأحكام : ٤ / ٣٢٧ و ٣٢٨ ، نقل عن الصدوق في ذكرى الشيعة : ٤ / ٤٧٥ ، المبسوط : ١ / ١٥٧.
(٦) النهاية للشيخ الطوسي : ١١٥.
(٧) المبسوط : ١ / ١٥٩.