وقوله : إلّا أنّا صرنا إلى ذلك هناك للنصّ (١) ، كلّ ذلك مضادّ لما ذكره أوّلا ، مع أنّه جعل النصّ مؤيّدا لا دليلا ، فوجوب المتابعة كيف صار نسيا منسيّا؟
ومع ملاحظته كيف يحكم بالوقوع في محلّه من دون دليل على ذلك؟ بل ادّعى أنّ ذلك هو الأصل ؛ فإنّ المتابعة إذا كانت واجبة بالإجماع اليقيني ، تكون المخالفة حراما يقينا.
فالركوع قبل الإمام عمدا لا شبهة في كونه حراما ، وأنّه لم يقع في محلّه بالبديهة على ما نبّهناك عليه ، فكيف الوقوع في محلّه من دون تأمّل ولا تزلزل ، ولا إشارة إلى دليل أو علّة ، إلى أن ادّعى كون ذلك أصلا معلوما في مطلق أفعال الصلاة الواقعة في مقام المخالفة الحرام ؛ إذ مع ذلك كيف يكون هذا بديهيّا؟!
والنظريّ في مقام دفع اعتراض المعترض وبعد التصريح بوجوب المتابعة والتفريع عليه ، لا بدّ من إثباته بالبديهة ، لا أنّه يكتفي بمجرّد الدعوى المناقض بعضها بعضا ، بل ولم يشر إلى شيء أصلا ، خصوصا بعد القطع بكون مذهب الشيعة أنّ النهي في العبادة يقتضي الفساد.
ومعلوم بالبديهة أنّ كلّ واحد من الركوع والسجود والرفع عنهما عبادة حرام يعصى الله فيه.
وكذا الحال في الجماعة ؛ فإنّها أيضا عبادة مطلوبة ، مع أنّه استدلّ بقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّما جعل الإمام». إلى آخره ، فإنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم صرّح بقوله : «فإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا» (٢).
وفرّع ذلك على قوله : «وإنّما جعل الإمام إماما ليؤتمّ به» وأنّه لا يعتبر في الجماعة أمر آخر سوى ما ذكر من أنّه يؤتمّ به ، وبيّن كيفيّة الائتمام في تفريعه عليه ،
__________________
(١) مرّ آنفا.
(٢) سنن الترمذي : ٢ / ١٩٤ الحديث ٣٦١.