إلّا أنّه يحمل على الإنصات في الاخفاتيّة ؛ لمنافاة التسبيح وجوب الإنصات لقراءة الإمام والاستماع لها ، كما ورد في القرآن (١) والأخبار (٢) ، إلّا أن يقال بعدم المنافاة بين ذلك ، وبين التسبيح في نفسه ، وأنّه يجوز الجمع بينهما ، وفيه تأمّل.
ثمّ اعلم! أنّ المراد هو القراءة خلف الإمام في الركعتين الأوّلتين ؛ لما عرفت في مبحث القراءة مشروحا من أنّ القراءة وظيفة الأوّلتين خاصّة ، والأخيرتين وظيفتهما التسبيح ، ويجوز قراءة الحمد وحدها مكان التسبيح وعوضه ، كما عرفت من الأخبار.
وأقصى ما يجوز أن يقال : وظيفة الأخيرتين التخيير بين القراءة والتسبيح ، لا أنّه وظيفتهما القراءة ، فإنّ القدر المشترك بينهما هو أحدهما ، وأحدهما (٣) غير خصوص القراءة ؛ لأنّه بديهي أنّ التخيير بين القراءة والتسبيح غير القراءة ، فوظيفتهما هو التخيير المذكور لا القراءة.
وفي صحيحة عبد الله بن سنان ، عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : «إن كنت خلف الإمام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتّى يفرغ وكان الرجل مأمونا على القرآن فلا تقرأ خلفه في الأوّلتين ، وقال : يجزيك التسبيح في الأخيرتين» قلت : أيّ شيء تقول أنت؟ قال : «أقرأ فاتحة الكتاب» (٤).
ولعلّ المراد : أيّ شيء تقرأ أنت؟ قال : «أقرأ فاتحة الكتاب» من حيث إنّه عليهالسلام كان إماما ، فوافق الأخبار الصريحة في أنّ الإمام عليه أن يقرأ في الأخيرتين
__________________
١٦٥١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٦١ الحديث ١٠٩٠٣.
(١) الأعراف (٧) : ٢٠٤.
(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٨ / ٣٥٥ الباب ٣١ من أبواب صلاة الجماعة.
(٣) في (د ١) : هو إحداهما ، وإحداهما.
(٤) تهذيب الأحكام : ٣ / ٣٥ الحديث ١٢٤ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٥٧ الحديث ١٠٨٩٢.