لأنّ النجاشي أبصر وأعرف وأمهر ، مضافا إلى ما عرفته من مؤيّداته ، ومنها أنّه يروي عن داود المذكور صفوان بن يحيى ، وهو مثل البزنطي في جميع ما ذكر (١) ، ويروي عنه جعفر بن بشير ، وهو ممّن يروي عن الثقات ويروون عنه (٢).
مع أنّ هذه الرواية رواها في «الفقيه» مفتيا بها ، وقال في أوّله ما قال ، مع أنّ الذي قاله الشيخ ربّما كان عن ابن عقدة ، وغير بعيد هذا الاحتمال عند الماهر في الرجال ، وابن عقدة زيدي جارودي.
ومع جميع ذلك السند منجبر بفتوى الأصحاب ، فلو كان ضعيفا يكون حجّة ، فما ظنّك بمثل الرواية المذكورة؟!
ويظهر من الأدلّة المذكورة والفتاوى رجحان الجماعة المذكورة ، بحيث لا يعارضه الكراهة المذكورة أصلا ، فلعلّ الكراهة في صورة تيسّر الجماعة الخالية عن هذه الكراهة ، والرجحان ذاتي ، والمرجوحيّة إضافيّة ، ولا تضادّ بينها ، كما حقّقنا الحال في أمثال ذلك في «الفوائد الحائريّة» وغيرها (٣).
قوله : (وأن يستمر). إلى آخره.
اعلم! أنّ في كلام الفاضلين أنّه لا يجوز للمأموم مفارقة الإمام لغير عذر ، فإن نوى الانفراد جاز (٤) ، انتهى.
أمّا عدم جواز المفارقة مع قصد الاقتداء والبناء عليه ، فقد ثبت ممّا مرّ من وجوب المتابعة.
__________________
(١) رجال الكشّي : ٢ / ٨٣٠ الرقم ١٠٥٠.
(٢) رجال النجاشي : ١١٩ الرقم ٣٠٤ ، جامع الرواة : ١ / ١٥٠.
(٣) الفوائد الحائريّة : ١٧٠ الفائدة ١٤ ، الرسائل الاصوليّة : ٢٣٨.
(٤) شرائع الإسلام : ١ / ١٢٦ ، قواعد الأحكام : ١ / ٤٦ و ٤٧.