وأمّا جواز المفارقة حينئذ لعذر ، فمثل ما ورد من أنّ المأموم المسبوق يفارق الإمام في إتيانه بتشهّده ، إذا كان موضع تشهّده وليس موضع تشهّد الإمام فيتشهّد ويلحق الإمام.
وكذلك الحال في قنوته ، وكذلك لو ترك فعلا من أفعال الصلاة مع الإمام غفلة فتذكّر ، والإمام دخل في أفعال اخر ، فإنّه يفارقه بأن يشتغل في تدارك ما تركه معه ثمّ يلحقه ، كما أشرنا إليه فيما سبق (١).
فالمراد من العذر خصوص المواضع التي ورد من الشرع جواز مفارقته حينئذ بالنحو الذي ورد ، ومقتضى وجوب المتابعة أنّ المأموم يأتي بالامور المذكورة في غاية الاستعجال والسرعة حسب ما تيسّر ويلحق الإمام ، ومقتضى ما ذكر عدم جواز التسليم قبل الإمام إلّا لعذر ، وستعرف حاله.
وأمّا أنّه يجوز للمأموم العدول عن الاقتداء إلى الانفراد في أثناء الصلاة مطلقا ، من دون توقّف على عذر أصلا ـ كما هو مقتضى كلامهما ـ فقد نقل العلّامة في «النهاية» و «التذكرة» على ذلك الإجماع (٢) ، وفي «المدارك» : هو المعروف من مذهب الأصحاب (٣) ، انتهى.
ولم يظهر لي ذلك سوى الإجماع المنقول ، والظاهر من «الدروس» منع ذلك ؛ حيث لم يشر إلى ذلك في مبحث الجماعة أصلا ، بل قال : ويجوز التسليم قبل الإمام لعذر فينوي الانفراد (٤). إلى آخر ما ذكره ، فلاحظ مجموع ما ذكره فيه.
__________________
(١) راجع! الصفحة : ٣٢٦ و ٣٢٧ من هذا الكتاب.
(٢) نهاية الإحكام : ٢ / ١٢٨ ، تذكرة الفقهاء : ٤ / ٢٦٩ و ٢٧٠ المسألة ٥٥٧.
(٣) مدارك الأحكام : ٤ / ٣٧٧.
(٤) الدروس الشرعيّة : ١ / ٢٢٤.