وحيث ظهر ممّا ذكرنا أنّ ما دلّ على إدراك الركعة بإدراك الركوع في غاية الكثرة والوفور ، وكونه مبنى أحكام كثيرة مشهورة مسلّمة ، حتّى أنّك عرفت من نهاية الشيخ ما عرفت ، ومع ذلك ليست منحصرة فيما ذكرناه بل أكثر ، بل الظاهر تواترها يرجح على ما دلّ على عدم الإدراك ما لم يدرك تكبيرته ؛ إذ الظاهر أنّ الأصل فيه صحيحة واحدة ، وهي صحيحة ابن مسلم ، وإن ذكرت بأنحاء مختلفة في الكتب المختلفة والطرق المتغايرة ، ولذا اقتصر كلّ كتاب وكلّ طريق بنقل واحدة ، ولو كانت متعدّدة لما اقتصر ، كما بيّناه غير مرّة.
ومع ذلك ، الدلالة في المتواترة في غاية الظهور في صحّة الصلاة حينئذ ، بل لا يحتمل غيرها ، بخلاف صحيحة ابن مسلم ؛ لاحتمال كون المراد من إدراك تكبيرة الركوع إدراك نفسه ، وكونه كناية عنه ، وإن بعد.
وأظهر منه احتمال كون المراد من قوله عليهالسلام : «ولا تعتدّ بالركعة». إلى آخره ، عدم الاعتداد بها في مرتبة الكمال.
وهذا غير عزيز في الأخبار ، بل في غاية الكثرة ، وكذا الحال في قوله : «لا تدخل» وغير ذلك ، وممّا يرجّح ترجيحا شديدا كون تكبيرة الركوع مستحبّا جائز الترك بالمرّة ، وعلى كلّ حال كما عرفت ، فكيف يصير مثل هذا شرطا لدرك الركعة؟! والقراءة ونحوها لم يكن شرطا إجماعا ، وجعل ما ذكر دليلا برأسه على المطلوب ، وهو غير بعيد ، لغاية الاستبعاد في توقّف الجماعة على التكبيرة المستحبّة ، مع تواتر الأخبار الواردة في مطلوبيّتها مطلقا ، وشدّة المطلوبيّة كذلك ، فتأمّل جدّا!
والقول بأنّ الأخبار المتواترة موافقة لمذهب العامّة ، بخلاف صحيحة ابن مسلم فترجّح عليها لما ذكر ، معارض بأنّ المتواترة موافقة لما اشتهر بين الأصحاب ، بل موافقة لما اشتهر بينهم في كثير من الأحكام ، كلّ واحد منها مشتهر