وقد عرفت أنّ حجّتهم تامّة بما ذكر وسلّم ، مع أنّه لا معنى لأن يقول : يمكن الاستدلال ، مع كونه دليلا واضحا يقينا مسلّما عندهم ، مع أنّه دائما يستدلّ للقوم في المقامات الخلافيّة بما ذكر ، فتأمّل!
ثمّ قال : احتجّ القائلون بالبناء مطلقا بصحيحة الفضيل بن يسار ، أنّه قال للباقر عليهالسلام : أكون في الصلاة فأجد غمزا في بطني أو أذى أو ضربانا ، فقال : «انصرف توضّأ وابن على ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصلاة بالكلام متعمّدا ، وإن تكلّمت ناسيا فلا شيء عليك ، فهو بمنزلة من تكلّم في الصلاة ناسيا» ، قلت : وإن قلّب وجهه عن القبلة؟ قال : «نعم» (١).
ثمّ نقل عن المرتضى أنّ الأذى والغمز لو لم يكن ناقضا لم يأمره بالانصراف والوضوء (٢).
ثمّ نقل الجواب بأنّه ليس في الخبر ذلك ، والأذى والغمز ليس بحدث إجماعا ، فأجاب بأنّ التعبير عن قضاء الحاجة بالانصراف شائع (٣) ، انتهى.
أقول : لا شكّ في كون المراد قضاء الحاجة البتّة للقرينة الواضحة ، فإنّ الانصراف عن الصلاة ، ثمّ الوضوء من دون علاج للأذى والغمز مقطوع بفساده ، فلا حاجة إلى دعوى الشيوع الذي لم نجد عليه دليلا ، لكن مجرّد الأذى والغمز ليس بحدث قطعا.
وليس في الخبر قرينة على حدوث الحدث بعدهما ، بل القرينة على خلافه ، بناء على ما ذكر من أنّ التعبير عن قضاء الحاجة بالانصراف ، بل وبناء على ما
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٤٠ الحديث ١٠٦٠ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٣٢ الحديث ١٣٧٠ ، الاستبصار : ١ / ٤٠١ الحديث ١٥٣٣ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٢٣٥ الحديث ٩٢٠٩ مع اختلاف يسير.
(٢) نقل عنه في المعتبر : ٢ / ٢٥١ و ٢٥٢.
(٣) مدارك الأحكام : ٣ / ٤٥٧.