ذكرناه أيضا لا قرينة عليه ، فلا بدّ من حمل الحديث على الأذى والغمز الذي لا يمكن الصبر عليه من دون الحدث ، فأين مضمون الحديث من مطلوب المستدلّ وهو الحدث سهوا؟
مع أنّه رحمهالله بمجرّد ما يرى من فقيه تأمّلا في المجمع عليه يمنع الإجماع ، فكيف ما منع الإجماع على عدم كون الأذى والغمز ناقضين ، وإن كانت طريقته ليست بشيء ، وأنّ الحق أنّ مجرّد ما يظهر من عبارة فقيه لا يضرّ الإجماع ، بل ما يعلم من فقيه أيضا لا يضرّ ، كما عرفت مرارا.
وما صدر منه في المقام من تسليم الإجماع هو الحقّ ، وحمل الأذى والغمز على ما صدر منه الحدث.
وسبق أقرب ممّا ذكره في «المدارك» ، بل ما ذكره بديهي الفساد ، وأقرب ممّا ذكرنا أيضا بناء على عدم قائل بالبناء ، وموافق لما نسب العلّامة في «التذكرة» إلى السيّد والشيخ من أنّهما قالا : بأنّ الحدث لو سبقه يستأنف الوضوء ، ويبني على ما مضى (١) من دون إشارة إلى تأمّل منهما في الحدث سهوا.
لكن مع ذلك أيضا لا يتمّ الاستدلال ، لعدم ذكر السبق في الرواية ، وعدم وجدان عين منه ولا أثر.
فالرواية شاذّة يجب ترك العمل بها ، لا أنّه قول وتوجّه بمجرّد المشتهر ثمّ يستدلّ بها ، ويجعل حجّة داعية على القول بأنّ سبق الحدث يقتضي كذا وكذا من دون دليل آخر ، مع أنّه على فرض وجوده ، يكون ذلك هو الحجّة ، لا الرواية المؤوّلة من دون حجّة في تأويلها أصلا ، وهو رحمهالله يروي الحديث الذي لم يقل بظاهره أحد ، وأفتوا بخلاف ظاهره.
__________________
(١) تذكرة الفقهاء : ٣ / ٢٧١.