أبي بصير (١) بكونها موثّقة ، ومع ذلك ظاهرهما رجحان ترك الجلسة لا أقلّ ، لو لم نقل بظهور وجوبه.
أمّا الثانية ، ففي غاية الوضوح ، حيث نهى عليهالسلام عن أن يصنع الراوي هذه الجلسة ، وبعد ذلك أمر بخلافه كما هو ظاهر.
وأمّا الاولى ، فلأنّ فعل المعصوم عليهالسلام إذا لم يعلم وجهه ، فالمشهور استحباب متابعته ، وعلى ذلك مدارهم ، وحقّق في محلّه.
وإذا وقع في مقام العبادة التوقيفيّة التي لم يظهر ماهيّتها من نصّ ، فيحملونه على الوجوب من باب مقدّمة الواجب ، لأنّ تحصيل اليقين بالبراءة ، والامتثال العرفي في مقام الإطاعة واجب عندهم ، كما أشرنا.
فمع ذلك كيف استدلّوا بهما على استحباب الجلسة؟
لا يقال : استدلالهم بهما على نفي الوجوب ، وإلّا فالرجحان إجماعي.
لأنّا نقول : الحجّة عن ظاهر الخبر ، ونفي الوجوب فيهما غير موجود ، بل الموجود أولويّة الترك لا أقل منها قطعا ، فظاهرهما لم يقل به أحد ، فيكونان شاذّين يجب طرحهما ، كما ورد من الأئمّة عليهمالسلام ، ومدار هؤلاء أيضا عليه.
ومع ذلك ظاهرهما موافق للعامّة ، فيجب ترك العمل بهما بالإجماع والأخبار والاعتبار.
وعلى ذلك كان مدار الشيعة في الأعصار والأمصار ، وكانوا يقولون عليهمالسلام : أعطاك من جراب النورة (٢) ، وأمثال ذلك ، وكذلك الحال عند الفقهاء المتقدّمين والمتأخّرين.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٤٦ الحديث ٨١٤٣.
(٢) مجمع البحرين : ٣ / ٥٠٦.