واختار المحقّق الشيخ سليمان البحراني الوجوب في كلّ صلاة (١) ، مستدلّا بالآية الشريفة (٢).
وفي دلالتها نظر ظاهر ، لأنّ القنوت لغة له معان متعدّدة ، ليس واحد منها المعنى الاصطلاحي ، والاصطلاحي لم يثبت ، بل الظاهر عدمه في زمان نزول الآية الشريفة.
مع أنّ إرادته لا يخلو عن الإشكال ، وإن قلنا بالثبوت ، لتوقّف الفهم على تقدير ، بل تقديرات خلاف الأصل والظاهر ، فلا يكون أولى من الحمل على معنى آخر متعارف ظاهر.
مع أنّ الظاهر منها وجوب القيام حال القنوت ، لا وجوب نفس القنوت ، سيّما مع عدم مأخوذيّة القيام فيه ، بل مأخوذ فيه كونه قبل الركوع ، فإن كان عن قيام لا جرم يصير قائما ، وإن كان عن جلوس لا جرم يصير جالسا ، وكذا الحال في الاضطجاع والاستلقاء.
سلّمنا ، لكن الأدلّة التي ذكرناها كافية للحمل على الاستحباب ، ومع ذلك الاحتياط معه ، بل كمال الصلاة فيه ، والحضور في الدعاء ، والإلحاح في العبادة غالبا يكون به ، وروح الصلاة أكثر تحقّقه منه ، بل قلّما يتحقّق بغير حضور القلب في الدعاء والإلحاح ، كما لا يخفى ، لكن مع هذا ، عدم الوجوب أقوى وأقرب بالنظر إلى الأدلّة والأقوال.
قوله : (ومحلّه). إلى آخره.
كونه قبل الركوع وبعد القراءة في الركعة الثانية ، هو المشهور المعروف بين
__________________
(١) نقل عنه في الحدائق الناضرة : ٨ / ٣٥٣.
(٢) أي الآية (وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ) البقرة (٢) : ٢٣٨.