لكن الظاهر أنّ الأوّل فتواه ، لأنّه ذكره على سبيل الإفتاء ، والثاني نقله رواية ، ولذا لم ينسب أحد من الفقهاء إليه التخيير المذكور ، ولم يؤم هو إلى عدم وجوب السجدتين أصلا ورأسا ، لا حديثا ولا فتوى ولا تجويزا.
فإذا كان الذي ذكره صريحا بعنوان الرواية لم يرضه أحد بأن ينسبه إليه ولو بعنوان التجوّز أو الاستحباب ، فما ظنّك في الصحيح الدالّ على عدم وجوب السجدتين أصلا وعدم أمر آخر عوضهما ، والصدوق لم يشر إليه أصلا ورأسا ، ولا إلى فتوى بذلك ، أو رضاء به بوجه من الوجوه.
وهذا شاهد واضح على ما ذكرناه ، فإنّه ذكر التكبيرات رواية ، مع عدم عمله بها ، فكيف لم يذكر ما دلّ على عدم الوجوب أصلا؟ سيّما وأن يكون معمولا به عنده في الجملة ، فتأمل!
قوله : (لحملنا). إلى آخره.
لتضمّن الصحيحين وغيرهما عبارة «لا شيء عليه» ، الظاهرة في عموم نفي الشيء عليه.
ويمكن أن يقال : غاية الأمر وقوع التعارض. ولو سلّمنا وجوب رفعه ، لا نسلّم تعيّن الحمل على الاستحباب ، إلّا أن يقال : التعيين من جهة الأصل ، وفيه ما عرفت ، مضافا إلى أنّ التخصيص غالب شائع متلقّى بالقبول بين الفحول ، حيث قالوا : ما من عامّ إلّا وقد خصّ ، ولم ينقل من أحد أنّه ما من أمر إلّا وهو محمول على الاستحباب.
مع أنّ الدالّ على الوجوب صحاح صراح كثيرة ، بخلاف الصحيحتين وغيرهما ، فإنّه لها ظهور ، ولا صراحة فيها في عدم وجوبهما ، لجواز أن يراد من لا شيء عليه ، نفي الإعادة ونفي وجوب البناء ، من جهة كون مدّ النظر فساد الصلاة