ويظهر من «المختلف» أنّ معظم القدماء لم يكونوا قائلين بوجوبهما فيه مطلقا منهم المفيد في «الرسالة الغريّة» فإنّه حكم فيها بالإتيان بسجدتي السهو في ترك التشهّد الأوّل سهوا ولم يذكر إلّا بعد ما ركع ، وفي التكلّم في الصلاة ناسيا ، وفي الشكّ في الصلاة في صورة خاصّة ، وهي أنّه لم يدر أزاد سجدة أم نقص أو زاد ركوعا أم نقص.
ثمّ قال : وليس لسجدتي السهو موضع في الصلاة إلا في هذه الثلاثة المواضع والباقي مطرح أو متدارك بالجبران ، أو فيه إعادة (١) ، انتهى.
وفي «المقنعة» عدّ ثلاثة مواضع يجب فيها سجدتا السهو.
السهو عن السجدة حتّى يفوت محلّها ، والسهو عن التشهّد الأوّل كذلك ، والتكلّم ناسيا (٢) ، ولم يذكر شيئا آخر أصلا.
و «المقنعة» ألّفها لعامّة الناس أن يعملوا بها ، كما لا يخفى على المطّلع.
فلو كان عنده موضع آخر يجب فيه سجدتا السهو لذكرها قطعا ، كما ذكر الثلاثة ، وإلّا لكان مقصّرا.
مع أنّه ذكر فيه آداب لا تحصى ، كثير منها لا تأكيد في استحبابها ، بل ربّما كان مجرّد أدب ، وربّما كان منها قلّما يحتاج إليه.
مع أنّه من المسلّمات أنّ فقيها إذا لم يذكر شيئا في كتاب فقهه لم يكن قائلا به ، ولذا نسبوا في كتب الاستدلال كثيرا من الفقهاء إلى ذلك.
ومنهم الشيخ في «الخلاف» حيث حصر وجوبهما في أربعة مواضع ، الثلاثة المذكورة في «المقنعة» ، والتسليم في غير موضعه سهوا ، وصرّح هو أيضا بعدم
__________________
(١) مختلف الشيعة : ٢ / ٤١٩ و ٤٢٠.
(٢) المقنعة : ١٤٧ و ١٤٨.