والاصول تقتضي كونه كذلك ، مع أنّ اللغة أعمّ من العرف ، كما لا يخفى ، مع أنّه لا طريق إلى معرفة اللغة سوى ما نقل عن أهل الصناعة ، وستعرف حاله.
وما ذكره نجم الأئمّة رحمهالله معارض بما صرّح به بعضهم (١) ، من أنّه جنس لما يتكلّم به ، سواء كان على حرف واحد أو أكثر ، مع ظهور كون الحقّ معه من الأدلّة مثل أصالة عدم التغيّر ، وعدم التعدّد ، وبقاء ما كان على ما كان ، والظن من الإلحاق بالأغلب ، فإنّ الأغلب عدم التغيّر ، مع موافقة صناعة أهل العربيّة من تضمّن الإسناد ووقوع الإعلال.
مع أنّ العلّامة في «المنتهى» قال : وأقلّ ما يتركّب منه الكلمة حرفان ، لأنّ سيبويه قسّم الكلمة إلى اسم وفعل وحرف ، وهو يدخل مثل أب وأخ ، وكل ، وقم وقد ، وعن ، ولو قال : «لا» ، أفسد صلاته (٢) ، انتهى.
أقول : ومن البديهيّات دخول ق ، وع ونحوهما في الفعل عند سيبويه وجميع النحاة ، من دون تطرّق شبهة ، وأنّ أب وأخ من الأسماء المحذوفة الأعجاز ، وأنّ الاسم لا يصير عندهم أقلّ من ثلاثة أحرف كـ «ق» و «ع» ونحوهما.
ومن البديهيّات عندهم أنّ المقدّر كالملفوظ من دون فرق ، وأنّ من ذكر أنّ أقلّ ما يتركّب الكلام منه حرفان كلامه مطلق غير مقيّد بقيد المذكوريّة ، مع القطع بفساد ذلك بملاحظة كلام جميع أهل النحو ، مع أنّ استدلاله المذكور يحقّق كون الحق مع من قال بأنّه جنس لما يتكلّم به ، وإن كان حرفا واحدا ، لأنّ الحرف كثير منه حرف واحد ، مثل الباء والتاء ونحوهما بلا شبهة.
نعم ، لا يتكلّم بها بدون ضمّ ضميمة ، كما أنّ من وعن أيضا كذلك.
__________________
(١) لاحظ! مدارك الأحكام : ٣ / ٤٦٣.
(٢) منتهى المطلب : ٥ / ٢٨٩.