وبالجملة ، لا تأمّل في صحّة الحمل المذكور وتعيينه بملاحظة ما ورد في الأخبار المتواترة من لزوم ترك العمل بما ذهب إليه العامّة ، وأنّ الرشد في خلافهم ، وأنّهم ليسوا من الحنيفيّة في شيء ، وأنّ أخبارهم بأمثاله تقيّة منهم عليهمالسلام أو اتّقاء على شيعتهم ، وأنّه أبقى لهم عليهمالسلام ولشيعتهم (١).
مع شهادة الاعتبار بذلك ، لأنّهم عليهمالسلام معصومون من الخطأ والاشتباه ، وأنّ الاختلاف غالبا منهم ، وأنّه لداع يقينا ، وأنّ الداعي أصله ومعظمه هو الخوف من الأعداء ، كما يظهر ذلك من النقل أيضا ، ومن ملاحظة طريقة الشيعة في الأعصار السابقة بأنّهم متى رأوا أمثال ذلك قالوا : أعطاك من جراب النورة (٢) ، وأمثال ذلك ، مثل قولهم : واتقاك ، عدو الله ..؟ وغير ذلك (٣).
وكانوا يتنزّهون عنه كمال التنزّه ، وينفرون ويتنزّهون أيضا ، وملاحظة صيرورة المدار في الفقه على ذلك ، وتأسيس الحلال والحرام وغيرهما من الأحكام عليه ، سيّما في المقام بملاحظة ما ذكره الصدوق في أماليه (٤) ، وسائر الفقهاء في كتبهم المشهورة المعمول عليها المتداولة (٥) ، وقدماء فقهائنا هم أهل الخبرة بالتقيّة ، وكلامهم حجّة في ذلك ، كما هو حجّة في التوثيق والشهرة بين أصحاب الأئمّة عليهمالسلام وأمثالهما.
هذا كلّه ، مضافا إلى غاية كثرة الصحاح والمعتبرة ، بل لا تأمّل في الوصول إلى حدّ التواتر ، كما لا يخفى على المطّلع المتأمّل في الأخبار.
__________________
(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٠٦ الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.
(٢) تهذيب الأحكام : ٩ / ٣٣٠ ذيل الحديث ١١٩٥ ، وسائل الشيعة : ٢٦ / ٢٣٨ ذيل الحديث ٣٢٩١٥.
(٣) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٨ ذيل الحديث ٩٤ ، لاحظ! الفوائد الحائريّة : ٤٦١ و ٤٦٢ الفائدة ٢٦.
(٤) أمالي الصدوق : ٥١٣ المجلس ٩٣.
(٥) لاحظ! الحدائق الناضرة : ٩ / ٣٣٠.