لكن في «المختلف» قال : والأقرب عندي أنّ ذلك كلّه للاستحباب ، بل الواجب النيّة لا غير ، لنا الأصل براءة الذمّة ، وما رواه عمّار ـ وذكر الموثّقة (١) ـ انتهى.
أقول : الأصل لا يجري في الامور التوقيفيّة كاللغات وغيرها ، وشغل الذمّة بالصلاة يقيني ، وكذا سجدتي السهو ، والبراءة اليقينيّة تتوقّف على ما علم شرعا أنّه سجدتي السهو ، أو ثبت بالظنّ المنتهي إلى اليقين ، فشغل الذمّة مستصحب حتّى يثبت خلافه ، ووجوب الإطاعة والامتثال العرفي أيضا يقتضي ذلك ، وكذا الإجماع وغيره أيضا يقتضيان ذلك ، وأصل البراءة جار فيما لم يعلم التكليف به بعبارة توقيفيّة ، وقد علم ، وتمام التحقيق ذكرناه في «الفوائد الجديدة» (٢).
سلّمنا الجريان ، لكن وجد الدليل على الوجوب بل الأدلّة ، مثل ما في صحيحة ابن أبي يعفور عن الصادق عليهالسلام قال : «إذا نسي». إلى أن قال : «وإن كان شاكّا فليسلّم ثمّ ليسجد [ها] وليتشهّد تشهّدا خفيفا» (٣) ، الحديث.
فإنّ الأمر حقيقة في الوجوب ، سيّما مع قرينة السياق.
وصحيحة الحلبي : «يتشهّد فيهما تشهّدا خفيفا» (٤) ، فإنّ يتشهّد هنا بمعنى تشهّد ، كما لا يخفى ، مع أنّه ربّما كان أدلّ على الوجوب ، لأنّ قوله عليهالسلام : «بغير ركوع». إلى آخره ، أوصاف ومميّزات لسجدتي السهو ، كما لا يخفى على المتأمّل ،
__________________
(١) مختلف الشيعة : ٢ / ٤٣٤.
(٢) الفوائد الحائريّة : ٤٧٧ الفائدة ٣٠.
(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٥٦ الحديث ٦٠٩ ، الاستبصار : ١ / ٣٦٠ الحديث ١٣٦٦ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٧٠ الحديث ٨٢٠٨.
(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٣٠ الحديث ١٠١٩ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٩٦ الحديث ٧٧٢ ، الاستبصار : ١ / ٣٨٠ الحديث ١٤٤١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٢٤ الحديث ١٠٤٨٦.