فانظر أيّها الفطن أنّ ما ذكره لتصحيح ما صرّح به من بطلان الشكّ في الأوّلتين وصحّته في الثانية والثالثة أو في الثالثة والرابعة.
فكلامه صريح في أنّ الشكّ في الثانية له صورتان :
إحداهما : كون الشكّ فيها شكّا في الأوّلتين ، وليس ذلك إلّا أن يكون الشكّ فيها قبل إكمال السجدتين ، فيكون الشكّ في الأوّلتين اللتين هما الفرض الإلهي ، كما ذكره هو ذلك في كتابه «العلل» وغيره أيضا نصّا عن الأئمّة عليهمالسلام (١).
والثانية : أن يشكّ فيها بعد إكمالهما ، بأن يقول : إنّ الذي فعلت لا أدري كان الثانية أو الثالثة ، فحينئذ يصح ، ويبني على الأكثر ، ويأتي بما ظنّ نقصه.
وبالجملة ، ما ذكره في «الفقيه» عين عبارة «الأمالي» ، فلم يظهر منه ما يخالف ما ذكره في «الأمالي» أصلا.
وكذا ما نقله الفاضلان من الإجماع ، فظهر ظهورا تامّا أنّ الخلافات التي نقل لم تكن إلّا مجرّد وهم من الناقل.
نعم ، ذكر في «الذخيرة» أنّه نقل عن المرتضى البناء على الأقلّ (٢). وليس عندي من كتب السيّد كتاب أصلا حتّى أنظر ، سوى «الانتصار» ، إلّا أنّي ألاحظ الخبيرين الماهرين المطّلعين نسبوا إلى الشيعة القول بالبناء على الأكثر في المقام ونظائره.
نعم ، بعض منهم نسب إلى الصدوق تجويز البناء على الأقلّ (٣) ، وعرفت أنّه أيضا توهّم منه (٤).
__________________
(١) انظر! علل الشرائع : ٣١٦ الحديث ١.
(٢) ذخيرة المعاد : ٣٧٦.
(٣) منتهى المطلب : ٧ / ٥٩.
(٤) راجع! الصفحة : ١٨٥ ـ ١٨٧ من هذا الكتاب.