ولذا ورد في الأخبار أنّه لا سهو للإمام والمأموم مع حفظ الآخر (١) ، ففرض فيها أنّه سهو إلّا أنّه لا حكم له ، كما هو الحال في كثير السهو وفي السهو في السهو.
ويؤيّده أيضا أنّه لو كان لحصول الظن من فعل الآخر وقوله ، لم يكن للتعرّض لذكرهما بالخصوص وجه ، وأنّه لما ذكر أيضا تعرّض الفقهاء لذكرهما بالخصوص.
وهذا أظهر بالنظر إلى ظواهر الأخبار والفتاوى ، إلّا أنّ الأخبار منها المرسلة (٢) وستعرف حالها ، وغير المرسلة يكون الظاهر منها عدم العبرة بشكّهما أصلا ، كما هو الحال في كثير السهو وغيره لا أنّهما يرجعان إلى الآخر مع حفظ الآخر ، كما هو المسلم والمفتى به ، وصريح من المرسلة التي هي المقيّدة له.
وظاهر الرجوع إلى الغير هو الاستناد إليه والاعتماد عليه.
وظاهر أنّ عدم حصول استناد إلى الآخر أصلا ومظنّة مطلقا ورجحان لوجه من الوجوه لعلّه في غاية البعد ، حتّى بالقياس إلى إطلاقات الفتاوى أيضا ، وأنّه لو اعتبر ما ذكر لزوم الرجوع وإن حصل الوهم أيضا ، لعدم التفاوت بالنسبة إلى ما ذكر ، لا في إطلاقات النصوص ولا إطلاقات الفتاوى ، إذا كان مجرد التعبّد ، فصرف المطلقات إليهما لعلّه لا يخلو عن مناقشة ما ، سيّما بعد ملاحظة المرسلة المقيّدة ، كما ستعرف.
واستثناء صورة الوهم من إجماع أو غيره يتوقّف على ظهوره وثبوته ، إذا كان الرجوع من باب التعبّد لا غير ، ولم يظهر أيضا أولويّة احتياط في المقام خاصّة لا من نصّ ولا من فقيه ، إذ هؤلاء بنوا على أنّ رجوع كلّ من المأموم والإمام إلى
__________________
(١) انظر وسائل الشيعة : ٨ / ٢٣٩ الباب ٢٤ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٣١ الحديث ١٠٢٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٤١ الحديث ١٠٥٤٠.