وترجيح أحد الاحتمالين على الآخر على وجه واضح لا يخلو عن إشكال ، وإن لم يبعد ادّعاء ترجيح الأخير.
ومع هذا فالثلاث مجمل ، فيحتمل أن يكون المراد الصلوات ، أو الفرائض ، أو الركعات أن الأفعال ، ولا يبعد ترجيح الأوّلين.
ومع هذا فغاية ما يستفاد من الرواية حصول الكثرة بذلك ، وهو غير مناف للعرف لا حصرها فيه ، فإذن لا معدل عن الإحالة إلى العرف (١) ، انتهى.
أقول : الاحتمال الثاني ، وإن كان أقرب إلى لفظ الرواية ، إلّا أنّه أبعد بحسب المعنى ، لأنّه يلزم انتفاء حكم الكثرة على حسب ما ذكره واعترف به.
وقوله : بحيث لا يسلم له ثلاث صلوات خالية من الشكّ ، لا تفاوت بينه وبين ما نفى كونه مرادا ، لأنّ قوله : «ثلاث» ، وإن كان مضافا إلى «صلوات» ، إلّا أنّه بعد نكرة وبالإضافة لم يكتسب التعريف البتّة.
ومن المسلّمات أنّ النكرة في سياق النفي تفيد العموم ، وهو ظاهر أيضا ، وتخصيص هذا العموم بمخصّص غير مذكور ولا ظاهر من العبارة تعسّف واعتساف ، فيكون هذا الاحتمال حينئذ أبعد من الأوّل بمراتب ، والحوالة إلى العرف غير مانع ، لعدم مخالفته اللغة في العبارات المذكورة.
نعم ، يستعمل العامّ في الخاص مجازا عرفا ولغة ، لكن المجاز فرع القرينة الصارفة عن الحقيقة والمعيّنة للمعنى المجازي ، ولا معيّنة في المقام.
ويمكن التوجيه بأنّه إذا حصل له المظنّة من كثرة ما تحقّق وصدر منه أنّه لا يسلم كلّ ثلاث منه ، فهو ممّن كثر سهوه ، فهذا رجوع إلى ظنّ المكلّف لا إلى العرف.
ومع ذلك كونه أقرب من الأوّل يحتاج إلى التأمّل ، لاحتياجه إلى التقدير
__________________
(١) ذخيرة المعاد : ٣٧١.