وغير خفيّ كونه في غاية البعد عن إطلاق لفظ ثلاث مطلق ، ومعلوم أنّه إذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال ، فثبت ما هو داخل على أيّ حال.
وقوله : ومع هذا فغاية. إلى آخره ، فيه : أنّ أفراد كثير السهو لا تعدّ ولا تحصى ، بل لا تتناهى.
وذكر كون هذا الفرد ممّن كثر سهوه عرفا لغو مستدرك لا يصدر عن حكيم ، إذ يصير من قبيل أن يقال : الماء الذي في النهر ماء عرفا ، والماء الذي في البئر ماء عرفا وهكذا.
والبناء على أنّه لعلّ أحدا تأمّل في كون الصورة المذكورة في الرواية بخصوصها ممّن كثر سهوه عرفا ، فأجابه المعصوم عليهالسلام : بأنّه لا وجه لتأمّلك إذ هو أيضا ممّن يكثر سهوه بحسب العرف وما هو المعروف بينهم ، خلاف الظاهر ، للاحتياج إلى تقدير ، والأصل عدمه ، مضافا إلى بعده في نفسه ، كما لا يخفى.
فالظاهر أنّ مراد المعصوم عليهالسلام أنّ الرجل إذا كان ممّن يسهو في كلّ ثلاث ، فهو داخل في كثير السهو (١) ، يعني أقلّ ما يتحقّق به كثرته هو هذا ، كما فهمه الفقيهان ، فلم يعتبر الكثرة الواقعة في صلاة واحدة أو صلاتين ، بل اعتبر كثرة الصلوات في تحقّق كثرة السهو كما اختارا.
ويمكن أن يكون المراد أنّ أوّل درجة كثرة السهو ثلاث متواليات كلّ واحد في صلاة وإن كان الثلاث منه في صلاة واحدة أيضا كثرة السهو ، إلّا أنّ تحقّق هذا بعد تحقّق الأوّل ، وأنّه لا يسهو ثلاث مرّات في صلاة واحدة غالبا ، إلّا بعد ما صار كثير الشكّ ، لا أنّه أول صيرورته كثير الشكّ.
والظاهر أنّه في الواقع كذلك ، يعني غالبا لا يسهون ثلاث مرّات في صلاة إلّا بعد دخولهم في حدّ كثير السهو ، فيكون ما في الرواية واردا مورد الغالب ، كما هو
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٢٤ الحديث ٩٩٠ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٢٩ الحديث ١٠٥٠١.