وتنقيح المقام يتمّ ببيان أحكام :
الأوّل : كون الردّ في الصلاة واجبا ، كما عرفت ممّا في «المنتهى» من قوله : ويجوز له أن يردّ السلام إذا سلّم عليه نطقا ، ذهب إليه علماؤنا أجمع (١).
مراده من الجواز المعنى الأعم ، ردّا لقول بعض العامّة ، وإلّا فمراده الوجوب كما صرّح به في «التذكرة» (٢) وظهر من بعض كلماته في «المنتهى» أيضا (٣).
فما في «الذكرى» ـ من أنّ ظاهر الأصحاب مجرّد الجواز للخبرين ، والظاهر أنّهم أرادوا به بيان شرعيّته ، ويبقى الوجوب معلوما من القواعد الشرعيّة ، إلى آخر ما قال (٤) وسنذكره ، محلّ تأمّل ظاهر.
وحيث عرفت الوجوب ، لو ترك الردّ يكون آثما قطعا ، فهل تبطل صلاته أم لا؟ قال في «الذكرى» ـ بعد ما ذكرنا عنه ـ : وبالغ بعض الأصحاب في ذلك ، فقال : تبطل الصلاة لو اشتغل بالأذكار ، ولما يردّ السلام ، وهو من مشرب اجتماع الأمر والنهي في الصلاة ، كما سبق ، والأصحّ عدم البطلان بترك ردّه (٥) ، انتهى.
أقول : الحكم بالبطلان يبنى على القول بأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه ، وعدم جواز اجتماع الأمر والنهي ، وكون وجوب الردّ فوريّا ، وكون الواجب الفوريّ واجبا بعد انقضاء زمان الفور أيضا ، وإلّا فما ارتكبه في خصوص زمان الفور يكون باطلا بخصوصه.
فإن كان بطلانه يستلزم بطلان الصلاة تصير الصلاة باطلة وإلّا فلا ، فلو كان ما أتى به في ذلك الزمان هو الأمر المستحب مثل القنوت لا تصير صلاته باطلة ،
__________________
(١) منتهى المطلب : ٥ / ٣١٤.
(٢) تذكرة الفقهاء : ٣ / ٢٨١ المسألة : ٣٢١.
(٣) منتهى المطلب : ١ / ٣١٥ ـ ٣١٧.
(٤) ذكرى الشيعة : ٤ / ٢٤.
(٥) ذكرى الشيعة : ٤ / ٢٤.