المراد من وقت العتمة إن كان هو وقت الضيق والمختصّ بها ـ كما هو الظاهر من اللفظ ـ فلا وجه لتجويز فعل المغرب حينئذ ، بل هو مخالف للأخبار المتواترة المفتى بها عند الشيعة.
وإن كان المراد وقتها المتّسع ، فمع أنّه لا وجه لجعله وقت خصوص العتمة من دون شائبة شركة المغرب ، كما هو مقتضى الظاهر من اللفظ ، ومقتضى مذهب العامّة من عدم اشتراك وقتها (١) ، بل الأنسب حينئذ أن يسأل أنّه بعد ما صلّى المغرب ذكر أنّ عليه مغرب سابقة على يومه ، فتأمّل جدّا!
فلا وجه للحكم بالتسوية المطلقة بين التقديم والتأخير ، لاتّفاق الشيعة على عدم التسوية ، وعدم الموكوليّة إلى مشتهى المكلّف ، بل إمّا تقديم الفائتة واجبة ، كما هو مقتضى أكثر الصحاح التي هي حجّة عند الكلّ وادّعي عليه إجماع الشيعة ، أو مستحبّة مؤكّدة غاية التأكيد عند المستدلّ ومن وافقه ، أو يجب تقديم الحاضرة ، أو يستحب غاية التأكيد ، كما عرفت.
وتأويل المؤوّل المذكور تارة اخرى ، وجعله الحجّة والمخرّب للحجج الواضحة الكثيرة غاية الكثرة ، والواضحة نهاية الوضوح من جهة التأكيدات والإجماعات وغير ذلك ، مع وجوب ترك العمل بالمؤوّل عقلا ونقلا.
وإذا فرض كونه صحيحا ، فكيف الحال إذا لم يكن صحيحا أيضا؟ مع كونه موافقا لرأي العامّة ، كما عرفت ، ومستجمعا للموهنات السابقة ، كما أنّ معارضه مستجمع لمقويّات لا تكاد تحصى ، كما أشرنا إليه أيضا.
وممّا ذكرنا ظهر حال استدلاله بمرسلة جميل السابقة (٢) ، المتضمّنة للأمر
__________________
(١) المجموع للنووي : ٣ / ٣٤ و ٣٥ ، المغني لابن قدامة : ١ / ٢٣٠ و ٢٣١.
(٢) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٥٧ الحديث ١٠٥٧٨.