وإن لم يثبت ذلك فلم يعرف المأمور به ، فلم يتحقّق الامتثال بمجرّد الإتيان بالأجزاء المذكورة فيكون الأصل عدم الصحّة وعدم الامتثال إلّا فيما ثبت الصحّة والامتثال من إجماع أو نصّ حجّة.
وعدم معروفيّة المأمور به بأسباب متعدّدة ، وهي بأن ثبت كونها اسما لخصوص الصحيحة المستجمعة لجميع شرائط الصحّة ، كما هو الأقوى بالنظر إلى الأدلّة ، مثل التبادر وصحّة السلب وغيرهما ممّا ذكرنا في موضعه ، أو لم يثبت ، لا هذا ولا ذاك ، أو يثبت كونها اسما لمجرّد الأركان والأجزاء المعهودة ، لكن لم يثبت الحقيقة الشرعيّة ، ولم يكن قرينة معيّنة لإرادة المصطلح عليه عند المتشرّعة ، كما هو الظاهر من صاحب «المدارك» (١) وموافقيه (٢) فيه ، أو ثبت الحقيقة الشرعيّة أيضا ، أو يكون عند المتشرّعة قرينة معيّنة على إرادة المصطلح عليه في كلام الشارع ، كما هو الظاهر من النافين للحقيقة الشرعيّة ، لكن احتمل على التقديرين أن يكون من جملة أجزاء الصلاة الهيئة المعتبرة فيها المقتضية لخلوّها عن المنافيات.
كيف لا؟ وصريح كلام الفقهاء المؤسّسين بهذه القواعد أنّه لو كان الفعل الكثير بحيث يخرج المصلّي عن كونه مصلّيا يكون مفسدا مبطلا لها.
وهذا ينادي بمدخليّة ذلك في ماهيّة الصلاة ، مع أنّه في المتواتر من الأخبار أنّ الصلاة تقطع (٣) ، وكذا في كلام المسلمين ، والقطع فرع دخول الهيئة المتّصلة في ماهيّتها ، فيحصل من هذه الجهة أيضا إجمال واختلال في تعيين المراد ، لاختلاف الفقهاء في القدر المضرّ ، كما هو ظاهر ، وأشرنا إليه في الجملة وسنشير أيضا.
__________________
(١) مدارك الأحكام : ١ / ٥٣ ، ٣ / ٥.
(٢) ذخيرة المعاد : ٣٥٥ ، معالم الدين في الاصول : ٣٨ ، لاحظ! الوافية : ٦٠.
(٣) انظر! وسائل الشيعة : ٧ / ٢٣٨ ـ ٢٤٤ الباب ٢ و ٣ من أبواب قواطع الصلاة.