الكثير كان يصلّي واقعا ، فيكون صورة الصلاة متحقّقة قطعا ، وكذا الحال بعد الفعل الكثير.
وكون مراده من الإمحاء بالكليّة ، الإمحاء قبل الفعل الكثير أيضا وكذا بعده ، خروج عن مفروض المسألة لأنّ المفروض أنّه لو وقع في الصلاة فعل كثير ، لا أنّه لا يكون هنا صلاة أصلا. لأنّه إذا لم يتحقّق صلاة فأيّ شيء يبطله الفعل الكثير؟ إلّا أن يكون المراد أنّه كبّر للصلاة ثمّ فعل فعلا كثيرا ، ثمّ قرأ الحمد وفعل فعلا كثيرا ، وقرأ سورة وفعل فعلا كثيرا وعلى هذا القياس إلى آخر الصلاة.
وفيه ؛ أنّه لو صدق أنّه صلاة وقع في أثنائها فعل كثير مخرج عن كونه مصلّيا فهذا بعينه ما قاله الفقهاء ، لما عرفت من اشتراطهم الخروج عن كونه مصلّيا ، فلا خصوصيّة له بما ذكر في «المعتبر» (١) ، وإن لم يتحقّق صلاة أصلا ، حتّى يقال : الفعل الكثير المخرج في أثنائها يبطلها ، لإخراجها عنها فلا دخل له في المقام.
وإن قال : ما يخرج عن الصلاة مقول بالتشكيك شدّة وضعفا ، واختار الأشدّ ففيه ؛ أنّ العبرة بالخروج عن كونه مصلّيا ، فإن أثّر هذا بالإبطال ، وإلّا فلا يفهم الأشديّة في هذا المعنى حال صدور الفعل الكثير فضلا عن أن يكون الأشديّة تؤثّر دون نفس الخروج عن كونه مصلّيا ، والأخبار أيضا عرفت حالها ، فتأمّل جدّا!
والقول بأنّ الأضعف منه ما جاز وقوعه سهوا بخلاف الأشدّ ، بيّن الفساد ، كالقول بأنّ الأشدّ ما وقع فيه الاستدبار ونحوه ممّا سيجيء أنّه مبطل للصلاة.
وبالجملة ؛ أنا لم أفهم مقصودا يكون له وجه.
وممّا ذكرنا ظهر الكلام فيما ذكره المصنّف بقوله : إلّا أنّ الثاني. إلى آخره.
فإن قلت : لعلّهما جعلا المخرج عن كونه مصلّيا عادة على قسمين :
__________________
(١) المعتبر : ٢ / ٢٥٥.