والقرآن الكريم يصرح بان نظام الوجود مبني علىٰ أساس العدل والتوازن على أساس الاستحقاق والقابلية ، وعلىٰ هذا الاساس توجد عدة آيات قرآنية تؤكد علىٰ مسالة العدل سواء كان ذلك عن طريق ذكر المقابل للعدل أي الظلم وتأتي الآية القرآنية تنفي الظلم أي تقر العدل بالنتيجة أو عن طريق ذكر القرآن ان هناك يوم حساب يحاسبون فيه الناس ليكون العدل هو الاساس الذي سوف تكون عليه المحاسبة ، وهكذا يذكر القرآن الكريم آيات العدل في كل مظاهرها الوجودية ، وسنورد هنا بعض الآيات القرآنية التي تعتبر الفاعلية الالهية والتدبير الالهي قائماً على أساس العدل حيث يقول الباري عز وجل في هذا المضمار ( شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ وَالمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ) (١). أو أن العدل هو المعيار لله سبحانه في موضوع الخلقة ( وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ المِيزَانَ ) (٢). وعلق علىٰ هذه الآية الرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : « بالعدل قامت السماوات والأرض » واهتم القرآن الكريم اهتماماً استثنائياً بالعدل التشريعي أي مراعاة أصل العدل دائماً في النظام الاعتباري والتشريع القانوني ، وقد صرح ذلك في الكتاب المعجز بان الهدف من ارسال الأنبياء وبعثة الرسل انما هو قيام النظام البشري وارساء الحياة الانسانية علىٰ أساس العدل والقسط : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) (٣).
واضافة إلىٰ ذلك فان الاصل الكلي الذي نسبه القرآن إلى كل الأنبياء بخصوص النظام التشريعي ولا سيما في الشريعة الاسلامية هو ( قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ) وفي مكان آخر يقول ( ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللهِ ). ويعتبر القرآن الكريم الإمامة والقيادة عهداً الهياً ينبعث عنه النضال ضد الظلم والتلاؤم مع العدل ، ويقول القرآن الكريم في موضوع لياقة إبراهيم عليهالسلام للامامة والقيادة : ( وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي
__________________
(١) آل عمران : آية ١٨.
(٢) الرحمن : آية ٧.
(٣) الحديد : آية ٢٥.