سبحانه إذا رضيت بالمعصية ، ولا من سرها في معصية ساراً لله سبحانه ، ومن أغضبها بمنعها عن ارتكابها مغضباً له جل شأنه ، فإن قيل : لعل المراد ، من آذاها ظلماً فقد آذاني ، ومن سرّها في طاعة الله فقد سرّني ، وأمثال ذلك ، لشيوع التخصيص في العمومات قلنا :
أولاً : التخصيص خلاف الأصل ، ولا يصار إليه إلا بدليل فمن أراد التخصيص فعليه إقامة الدليل.
ثانياً : إن فاطمة صلوات الله عليها تكون حينئذ كسائر المسلمين ، لم تثبت لها خصوصية ومزية في تلك الأخبار ، ولا كان لها فيها تشريف ومدحة ؛ وذلك باطل بوجوه :
١ ـ إنّه لا معنىٰ حينئذ لتفريع كون إيذائها إيذاء الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم على كونها بضعة منه كما يصرح بذلك صحيح البخاري ومسلم في رواياته.
٢ ـ إنّ كثيراً من الأخبار السالفة المتضمنة لانكاره صلىاللهعليهوآلهوسلم علىٰ بني هاشم ، في أن ينكحوا إبنتهم علي بن أبي طالب عليهالسلام ، أو انكاح بنت أبي جهل ، ليس من المشتركات بين المسلمين فإنَّ ذلك النكاح كان مما أباحه الله سبحانه ، بل ممّا رغّب فيه وحث عليه لولا كان كونه إيذاء لسيدة النساء ، وقد علل رسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عدم الإذن بكونها بضعة منه يؤذيها ما آذاها ويريبه ما يريبها تظهر بطلان القول بعموم الحكم لكافة المسلمين ، علىٰ إنه لو ثبت هذا القول بأن علي عليهالسلام ربما أو أراد أن يتزوج من المتقدمي الذكر.
٣ ـ إنّ القول بذلك يوجب إلقاء كلامه صلىاللهعليهوآلهوسلم وخلوّه من الفائدة ، إذ مدلوله حينئذ أنّ بضعته كسائر المسلمين ولا يقول ذلك من أوتي حظاً من الفهم والفطانة ، أو اتصف بشيء من الانصاف والأمانة ، وقد أطبق محدثوهم على إيراد تلك الروايات في باب مناقبها صلوات الله عليها.
فإن قيل : أقصىٰ ما تدل عليه الأخبار ، هو أنَّ إيذاؤها إيذاء الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن جوّز صدور الذنب عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لا يأبىٰ عن إيذائه إذا فعل ما يستحق به الإيذاء.
قلنا : بعد ما مر من الدلائل علىٰ عصمة الأنبياء عليهمالسلام ، قال الله تعالى ( وَالَّذِينَ