وفضلهن على كثير من نساء الدنيا والآخرة فهلمَّ معي لنقف معهن لنرى خصوصية كل واحدة منهن ـ وهنَّ آسية ومريم وخديجة وفاطمة ـ بحيث ورد الحديث بأنَّهن خير النساء ، ونقول :
لو نظرنا إلى حياة هؤلاء النسوة صارفين النظر عن نصوص الكتاب والسنة لألفينا ان كل واحدة منهنَّ تختص بفضيلة دون غيرها من الصالحات الباقيات.
* فآسية إمرأة فرعون آمنت بالله مخلصة له لائذة به وحده وهي في بيت شر العباد ، ورأس الكفر والالحاد ، وقد جاهرت بايمانها منكرة على فرعون كفره وفساده ، متحدية ظلمه وطغيانه ، فأوتد لها الاوتاد ، حتى قضت شهيدة الحق والإيمان ولم تكن هذه الكرامة لواحدة من الثلاثة.
* أما السيدة مريم فقد كرمها بولادة السيد المسيح من غير أب وما عرفت هذه الكرامة لامرأة على وجه الأرض.
* أما السيدة خديجة فأنها أول من آمن وصدّق الرسول محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وصلّت هي وعلي بن أبي طالب عليهمالسلام أول صلاة أقيمت في الإسلام ، وهي أول من بذل الأموال لنصرة هذا الدين ... ولولا أموالها ، وحماية أبي طالب لمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم لقضي على الإسلام في مهده ، ولم يكن له عين ولا أثر ... ولم تكن هذه الكرامة لغيرها من نساء العالمين.
أما فاطمة الزهراء عليهاالسلام فإنها بضعة من رسول الله ، بل هي نفسه خلقاً وخُلقاً ومنطقاً وصلاحاً وتقىٰ يرضيه ما يرضيها ، ويؤذيها ما يؤذيه ، وهي أم الحسنين سيدي شباب أهل الجنّة ، وعقيلة سيد الكونين ، بعد رسول الله ولم تكن هذه الكرامة لأمها خديجة ولا لآسية ولا لمريم (١). أما التفاضل بينهنَّ فأننا نتركه لئلا يطول المقام بنا ونقف هنا مع حياة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، ومريم بنت عمران لاثبات المراد من هذا البحث.
فمن القضايا العقائدية المهمة لدى الشيعة الإمامية والتي تأخذ حيزاً كبيراً على الصعيد الفكري والعقائدي هي مسألة تفضيل سيدة نساء العالمين على مريم وبقية
__________________
(١) تفسير الكاشف : ٢ / ٥٩.