في الدنيا بلعنهم والبرائة من ظلمهم وأفعالهم بحقِّ سيدة نساء العالمين وفي الآخرة الخزي والعذاب الأليم ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا ). وأيضا الثمرة في ذلك هو أننا بقدر معرفتنا بمقامات أولياء الله تعالىٰ ـ ومنهم فاطمة عليهاالسلام ـ والتي ورد البحث عليها وعلىٰ طلب المزيد منها ، نزداد عند ذلك معرفة بالله تعالىٰ لأنَّه من عرفكم فقد عرف الله تعالىٰ لأنَّهم هم الدالّين عليه وعلى عظمته ، وهذا ثابت للزهراء عليهاالسلام كما ثبت للأئمة عليهمالسلام.
وكذلك أنَّه متىٰ ما عرفنا أنَّه فاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين عرفنا عند ذلك انَّ لها مقاماً سامياً وكرامةً ربانيَّة ، وخاصَّة نحنُ نؤمِن بأنَّها كانت مفروضة الطاعة على جميع الخلق بما فيهم الملائكة والجنَّ والأنبياء وإنَّه ما تكاملت نبوة نبي حتىٰ أقر بفضلها ومحبتها وعلى معرفتها دارت القرون الأولى ، كلّ ذلك له الأثر الكبير في أنَّ يعمق ارتباطنا بفاطمة عليهاالسلام ويدخل حبها في قلوبنا وفي صميم عقائدنا ونزداد تفاعلاً مع ظلاماتها وما جرىٰ عليها من الظلم والعدوان وعظيم المحن التي مرت عليها. وأخيراً نختم هذا البحث بما ورد من كلمات الأعلام حول ثبوت كونها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين والأمر لا يخلو من فائدة فيما نحن فيه ، وإليك أقوال المحدثين :
* قال ابن أبي الحديد : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مال إليها وأحبّها ، فازاد ما عند فاطمة بحسب زيادة ميله ، وأكرم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إكراماً عظيماً أكثر ممّا كان الناس يظنّونه ، وأكثر من إكرام الرجال لبناتهم ، حتّى خرج بها عن حدّ الآباء للأولاد ؛ فقال بمحضر الخاصّ والعامّ مراراً لا مرّة واحدة ، وفي مقامات مختلفة لا في مقام واحدٍ « إنها سيّدة نساء العالمين ، وإنّها عديلة مريم بنت عمران ، وإنّها إذا مرّت في المواقف ناد منادٍ من جهة العرش : « يا أهل الموقف غضوا أبصاركم لتعبر فاطمة بنت محمّد صلىاللهعليهوآله » ، وهذا من الأحاديث الصحيحة (١) ...
* وقال شهاب الدين الآلوسيُّ : عن ابن عبّاس ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : « أربع
__________________
(١) « شرح النهج » : ٩ / ١٩٣.