نسوة سادات عالمهنّ : مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمّد ، وأفضلهنّ عالماً فاطمة » ... والّذي أميل إليه أنّ فاطمة البتول أفضل النساء المتقدّمات والمتأخرات من حيث إنّها بضعة رسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل ومن حيثيّات أخرى أيضاً ، ولا يعكر على ذلك الأخبار السابقة لجواز أن يراد بها أفضليّة غيرها عليها من بعض الجهات ، وبحيثيّة من الحيثيّات ...
إذ البضعيّة من روح الوجود وسيّد كلّ موجود ، لا أراها تقابل بشيء ، وأين الثريّا من يد المتناول ؟ ومن هنا يعلم أفضليّتها على عائشة رضي الله تعالى عنها الذاهب إلى خلافها الكثير محتجّين بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « خذوا ثلثي دينكم عن الحميراء » ...
وأنت تعلم ما في هذا الإستدلال ، وأنّه ليس بنصّ على أفضليّة الحميراء على الزهراء ، أمّا أوّلاً ، فلأنّ قصارى ما في الحديث الأوّل على تقدير ثبوته إثبات أنّها عالمة إلى حيث يؤخذ منها ثلثا الدين ، وهذا لا يدلُّ على نفي العلم المماثل لعلمها عن بضعته عليه الصلاة والسلام ، ولعلمه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّها لا تبقي بعده زمناً معتدّاً به يمكن أخذ الدين منها فيه لم ـ يقل فيها ذلك ، ولو علم لرُبمّا قال : خذوا كلّ دينكم عن الزهراء ... على أنّ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « إنّي تركت فيكم الثقلين كتاب الله تعالى وعترتي أهل بيتي ، لا يفترقان حتّى يردا عليّ الحوض » يقوم مقام ذلك الخبر وزيادة كما لا يخفى. كيف لا ، وفاطمة رضي الله تعالى عنها سيّدة تلك العترة (١).
* وقال العلاّمة المجاهد السيّد شرف الدين رحمهالله : تفضيلها على مريم عليهاالسلام أمر مفروغ عنه عند أئمة العترة الطاهرة وأوليائهم من الإماميّة وغيرهم ، وصرّح بأفضليّتها على سائر النساء حتّى السيّدة مريم كثير من محقّقي أهل السنّة والجماعة كالتقيّ السبكيّ ، والجلال السيوطيّ ، والبدر ، والزركشيّ ، والتقّي المقريزيّ ، وابن أبي داود ، والمناوي فيما نقله عنهم العلاّمة النبهاني في « فضائل الزهراء » ص ٥٩ من كتابه « الشرف المؤبَّد » ، وهذا هو الّذي صرّح به السيّد أحمد زيني دحلان مفتي الشافعيّة ونقله عن عدّة من أعلامهم ، وذلك حيث أورد تزويج فاطمة بعليّ في سيرته
__________________
(١) تفسير روح المعاني : ٣ / ١٥٥.