البحث التاسع
فاطمة عليهاالسلام والولاية التكوينية
من المواضيع المهمة التي اخذت حيزاً كبيراً في العقائد الشيعية هي مسألة الولاية التكوينية حيث كانت بين النفي والاثبات عند بعض علماء الكلام ، وسوف نتطرق إلى اثباتها على ضوء الكتاب الكريم والسنة الشريفة ، وينبغي أولاً وقبل كل شيء بسط الكلام في معرفتها وبيان معناها وحدودها الشرعية التي أثبتها الباري عز وجل للانبياء والأوصياء بما فيهم خاتم الرسل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته الطيبين الطاهرين فالولاية المطلقة التي كانت للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته انما كانت على جميع اصناف المخلوقين من الجماد والنبات والحيوان والإنسان والملائكة ، وبتعبير ادق الولاية هي باطن النبوة المطلقة ، وصاحبها هو الموسوم بالخليفة الاعظم وقطب الاقطاب والإنسان الكبير ، وآدم الحقيقي المعبر عنه بالقلم الاعلى والعقل الأوّل والروح الاعظم وإليه اشير في الحديث الشريف الوارد عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أول ما خلق الله نوري وكنت نبياً وآدم بين الماء والطين » وإليه استند كل العلوم والاعمال ، وإليه ينتهي جميع المراتب والمقامات نبياً كان أو ولياً ، ورسولاً كان او وصياً.
وقد قال بعض الأعلام في هذه الولاية (١) : فحقيقة الولاية الرتق والفتق في المولى عليه ما بإمساكه عما عليه وجربه فيما له.
وبعبارة اُخرى : استحقاق تربية المملوك : لكونه أولى به من نفسه ، فهو اسم له تعالى باعتبار أولويته بخلقه من أنفسهم ، ثم إن هذه الولاية منشأها هو احتواء الولي للمولى عليه قادراً على الاستبداد به ، الذي هو حقيقة الملك فهو الولاية الحقيقية ، وإما منشأها الخلافة من المولى الحقيقي ؛ لكونه متعالياً عن مجانسة مخلوقاته وجليلاً عن ملائمة كيفياتهم ، فينصب الخليفة لتربية المملوكين ما هو يتسحقه منهم عليه ؛ لحفظ
__________________
(١) هو العلامة المحقق السيد حسن الهمداني في رسالته في شرح الاسماء الحسنى : ١٠٣.