الناس بذلك وأتم الحجة عليهم بحيث لو سألوه شيئاً من ذلك لأتى به ، أما ان كلها او بعضها فلا دلالة فيها على ذلك (١). وعلى اساس هذا البيان يظهر لنا من خلال التمعن والتدقيق في مدلولات هذه الآية اضافة إلى آيات اخرى الولاية التكوينية لنبي الله عيسى وعلى ضوء الاساس والاصل الذي اعتمدناه في مقدمة حديثنا الذي نقول فيه ان الولاية التكوينية انما هي بالتبع لا بالاستقلال لذلك نجد ان الآية المباركة تقول باذن الله أي جعلت الولاية والتصرف في التكوينات باذن الله تعالى لا بالاستقلال ، وعليه ثبوت هذا القول بهذا البيان ، تكون هذه الولاية ايضا ثابتة لاهل البيت عليهمالسلام وذلك لأنهم عليهمالسلام افضل من جميع الأنبياء وكيف وقد ثبت لنا بالادلة النقلية ان عيسى عليهالسلام يصلي خلف الإمام المهدي عند ظهوره الشريف هذا ملخص البيان في الآية الاولى التي أثبت الولاية التكوينية وعلى لسان القرآن الكريم.
* أما الآية الثانية فهي في قصة سليمان وملكة سبأ : ( قَالَ يَا أَيُّهَا المَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ... ) (٢). والذي يهمنا في هذه الايات قوله تعالى ( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ ) الذي يستفاد منه ان الذي عنده علم من الكتاب انما قال قوله هذا قبال من كان من الجن وهذا يدل على انه كان من الانس ، وقد وردت الروايات عن ائمة أهل البيت عليهمالسلام انه كان آصف بن برخيا وزير سليمان وانه كان كما قيل عنده اسم الله الأعظم ، وقد تصرف آصف بن برخيا في التكوينات عن طريق ولايته ، في ذلك حيث نقل عرش بلقيس بأقل من طرفة عين ، وهذا فيه دلالة واضحة على ولايته التكوينية على انه لم تقل الآية المباركة التي جاءت لسياق بيان هذه الولاية انها كانت باذن الله تعالى وانما بينت القضية عن طريق العلم الذي بحوزته من الكتاب ، والمراد من هذا الكتاب الذي هو مبدأ هذا العلم العجيب الذي جعله يتصرف هذا التصرف اما جنس
__________________
(١) تفسير الميزان : ٣ / ٢٠٠.
(٢) النمل : آية ٣٨ ، ٤٠.