الكتب السماوية او اللوح المحفوظ والعلم الذي أخذه هذا العالم منه كان علما يسهل الوصول إلى هذه البغية ، وهذه كله ليس فيه تنافي من ان تكون ولايته باذن الله تعالى لأنه هو الذي اعطاها له ، وعليه تكون هذه الولاية مطابقة للاصل الذي يقول بالتبع لا بالإستقلال وقد ذكر المفسرون انه كان يعلم اسم الله الاعظم اذا سئل به اجاب ذكر بعضهم ان ذلك الاسم هو الحي القيوم ، وقيل : ذو الجلال والاكرام وقيل : الله الرحمن وقيل : هو العبرانية آهيا شراهيا ، وقيل : انه دعا بقوله : يا الهنا واله كل شيء الها واحدا لا اله إلاّ انت اتيني بعرشها إلى غير ذلك مما قيل. على انه من المحال ـ على ما ذكره المفسرون ـ ان يكون الاسم الاعظم الذي له التصرف في كل شيء من قبيل الالفاظ ولا المفاهيم التي تدل عليها وتكشف عنها الالفاظ بل ان كان هناك اسم له هذا الشأن او بعض هذا الشأن فهو حقيقة الاسم الخارجية التي ينطبق عليها مفهوم اللفظ نوعاً من الانطباق وهي الاسم حقيقة واللفظ الدال عليها اسم الاسم. ولم يرد في لفظ الآية نبأ من هذا الاسم الذي ذكروه بل الذي تتضمنه الآية انه كان عنده علم من الكتاب وانه قال : انا آتيك به ، ومن المعلوم مع ذلك ان الفعل فعل الله حقيقة ، وبذلك كله يتحصل انه كان له من العلم بالله والارتباط به ماذا سأل ربه شيئا بالتوجه إليه لم يتخلف عن الاستجابة وان وتبين مما تقدم ايضا ان هذا العلم لم يكن من سنخ العلوم الفكرية التي تقبل الاكتساب والتعلم (١). وعلى كل حال فان الآية المباركة اثبتت الولاية التكوينية في التصرف في الاشياء من خلال اسم الله الاعظم ، فتكون هذه الآية الثانية في اثبات حقيقة الولاية لوصي نبي من الأنبياء وهو اصف بن برخيا.
* ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (٢).
وهذا الآية من الايات التي استدل بها على الولاية التكوينية وامكان وقوعها في الواقع الخارجي وعلى ضوء المصدر الأوّل للمسلمين القرآن الكريم وبيان الحال فيها
__________________
(١) تفسير الميزان : ١٥ / ٣٦٣.
(٢) البقرة : آية ٢٦٠.