عند زوجته زينب بنت جحش ولم يحرم كل أنواع العسل ... ولذلك قلت لكم ـ آنفاً ـ إن التحريم كان خاصاً به ولم يكن عاماً وشاملاً ، لأن النبي لا يحرم ما أحل الله : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ ). ومحل الشاهد هنا ، هو قول الحق سبحانه : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ). وهذا يدل بوضوح ، على أن رضا أزواج النبي لا وزن ولا قيمة له أمام رضا الله سبحانه وتعالى.
هذا بالنسبة لرضا أزواج النبي ونسائه ... أما بالنسبة لفاطمة الزهراء ـ سلام الله عليها ـ فالأمر يختلف اختلافاً جذرياً. يقول النبي : « إن الله ليرضى لرضا فاطمة ويغضب لغضبها ».
ويقول : يا فاطمة إن الله ليرضى لرضاك ويغضب لغضبك.
ويقول في حديث ثالث : « رضا فاطمة من رضاي وسخطها من سخطي ». والويل لمن غضبت عليه فغضبها يعني غضب الله ، وإذا غضب الله على أحد أحل به نقمته ، وجنّبه رحمته.
يقول : الله عزّ وجلّ : ( وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ ) (١).
ونحن نعرف أن فاطمة ماتت وهي غاضبة وواجدة على أبي بكر وعمر ، كما جاء في صحيح البخاري ، فما أدري كيف تكون المعادلة ... إذا كان غضب فاطمة ، هو غضب الله ، وأن الله ليرضى لرضا فاطمة ، ويغضب لغضبها ، ثم تموت الزهراء ، وهي واجدة ـ غاضبة ـ على أبي بكر وعمر ، فالقرآن يقول بصراحة : إن الذي يحلل عليه غضب الله يكون من الهالكين : ( وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ ).
والعجيب أن هذه الأحاديث كلها موجودة في صحيح البخاري وفي كتب الصحاح الأخرى ، وكلها تؤكد أن الله ليرضى لرضا فاطمة ويغضب لغضبها ... وأن فاطمة ماتت وهي واجدة على أبي بكر و عمر ... ماتت ولم تكلمهما كلمة واحدة ... ماتت ودفنت في الليل ولم يحضر أبو بكر ولا عمر تجهيزها ولا الصلاة عليها ... وهذه قضية معروفة
__________________
(١) طه : ٨١.