فسليمان يعرف لغة الغير من الحيوانات كالنمل والطير وإلا لو كان لا يعرف لغة النمل لما تبسم ضاحكاً من قولها ، وعلى هذا الأساس فإن لكل شيء في هذا الكون لغة ومنطق ولكننا لا نفقه لغته ولا نعرف منطقه ولا ندرك ذلك إلا لمن أعطاه الله تبارك وتعالى نور البصيرة في كل شيء ( وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ).
إذن فكل شيء له لغة وله منطق غير أننا لا نفقه تلك اللغات اللهم إلا أن يكون الإنسان نبياً أو وصي نبي أو أحد الأئمة الهداة الذين علمهم الله منطق كل شيء وكما ورد ذلك في كتاب مدينة المعاجز الذي يعطيك عشرات الشواهد على ذلك ... أما نحن فلا حظّ لنا من ذلك على الإطلاق ، وفي حديث أن الحصى كانت تسبح في كف النبي والصحيح هو أن النبي كان يسمع صوت الحصى حينما تسبح الله وتقدسه ... وإلا فالحصى هي مسبحة لله تعالى في يد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وفي يد غيره من البشر غاية ما في الأمر أن الأنبياء لهم القدرة على سماع هذا التسبيح بشكل واضح وملموس. وبعد أن وقفنا بعض الشيء مع معالم التسبيح في القرآن الكريم نأتي الآن إلى نورانية تسبيح فاطمة عليهاالسلام الذي يعتبر من الشعائر الدينية لدى الشيعة والسنّة والذي يعتزون به كأفضل الأعمال عقيب الصلاة المفروضة.
ولقد جاء الحث عليه من قبل الأئمة عليهمالسلام في كثير من الأحاديث التي وصلت إلينا عبر الرواة والمحدثين ومنها ما جاء عن لسان أبي جعفر عليهالسلام قال :
« ما عبد الله بشيء من التمجيد أفضل من تسبيح فاطمة عليهاالسلام ، ولو كان شيء أفضل منه لنحله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فاطمة عليهاالسلام » (١).
وعنه عليهالسلام قال : « من سبّح تسبيح الزهراء عليهاالسلام ثم استغفر غفر له وهي مائة باللسان ، وألف في الميزان ، وتطرد الشيطان ، وترضي الرحمان » (٢).
وجاء عن هارون المكفوف ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « يا أبا هارون ! إنا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة عليهاالسلام كما نأمرهم بالصلاة فالزمه ، فإنه لم يلزمه عبد فشقي » (٣).
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٣٤٣ / ح ١٤ ، الوسائل : ٤ / ١٠٢٤ / ح ١ ، التهذيب : ٢ / ١٠٥.
(٢) ثواب الأعمال : ١٩٦ / ح ٢ ، الوسائل : ٤ / ١٠٢٣ ح ٣.
(٣) أمالي الصدوق : ٤٦٤ ح ١٦ ، ثواب الأعمال : ١٩٥ ، الكافي : ٣ / ٣٤٣ ح ١٣.