المرة يلبي نداءها ، ويستجيب لدعوتها ، خصوصاً وقد انتصر المسلمون في معارك الجهاد ، فاحرزوا غنائم كثيرة وأموالاً عظيمة ... فقامت فاطمة الزهراء عليهاالسلام من ساعتها ، وأتت أباها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وطلبت منه خادمة ، فقال لها : يا فاطمة أعطيك ما هو خير لك من خادم ومن الدنيا وما فيها.
قالت : وما ذلك يا رسول الله ؟
قال : « تكبّرين الله بعد كل صلاة أربعاً وثلاثين تكبيرة ، وتحمدين الله ثلاثاً وثلاثين تحميدة ، وتسبحين الله ثلاثاً وثلاثين تسبيحة ، ثم تختمين ذلك بلا إله إلاّ الله ، وذلك خير لك من الذي أردت ومن الدنيا وما فيها » (١).
وإليك قضيته كما نقله كتاب من لا يحضره الفقيه :
روي أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قال لرجل من بني سعدٍ : ألا أحدّثك عنّي وعن فاطمة الزهراء ( سلام الله عليها ) ؟ إنّها كانت عندي فاستقت بالقربة حتّى أثّر في صدرها ، وطحنت بالرحى حتّى مجلت يداها (٢) ، وكسحت البيت حتى اغبرَّت ثيابها ، وأوقدت تحت القدر حتى دكنت ثيابها (٣) فأصابها من ذلك ضرٌّ شديد ، فقلت لها : لو أتيت أباك فسألته خادماً يكفيك حرّ ما أنت فيه من هذا العمل.
فأتت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فوجدت عنده حُداثاً ، فاستحيت فانصرفت ، فعلم صلىاللهعليهوآلهوسلم أنها قد جاءت لحاجة ، فغدا علينا ونحن في لحافنا ، فقال : السلام عليكم ، فسكتنا واستحيينا لمكاننا ، ثم قال : السلام عليكم ، فسكتنا ، ثمّ قال : السلام عليكم ، فخشينا إن لم نردّ عليه أن ينصرف ـ وقد كان يفعل ذلك فيسلّم ثلاثاً ، فإن اُذن له وإلا انصرف ـ فقلنا : وعليك السلام يا رسول الله ادخل ، فدخل وجلس عند رؤوسنا ، ثمّ قال : يا فاطمة ما كانت حاجتك أمس عند محمّد ؟ فخشيت إن لم نجبه أن يقوم ، فأخرجت رأسي فقلت : أنا والله اُخبرك يا رسول الله ، إنّها استقت بالقربة حتى أثّر في صدرها ، وجرّت
__________________
(١) شرح خطبة الزهراء للشيخ نزيه : ٢٩.
(٢) مجلة يداها أي ظهر فيها المجل وهو ماء يكون بين الجلد واللحم من كثرة العمل الشاق. والمجلة القشرة الرقيقة التي يجتمع فيها ماء من أثر العمل الشاق.
(٣) الدكنة : لون يضرب إلى السواد.