فجعل القراءة منصبة في قالب أدبي تربوي ... ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ) أي ان القراءة يجب ان تنصب في اطار تربوي أدبي ، لأنّ التربية مشتقة من الرب ، او كلمة الرب مشتقة من التربية وهو الاصح في اللغة. هذا هو الشرط الأوّل ، اما الشرط الثاني والذي يعني ان هناك رمزاً نتخذ منه قدوة ، واسوة حسنة في تطبيق مضمون التسبيح ، فهو الفداء ، والتضحية ... وهنا تجد فاطمة الزهراء عليهاالسلام حين اخذت درس هذا التسبيح من أبيها الرسول الاعظم محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم اقول : حين اخذت من أبيها ، هذا الدرس انطلقت به إلى قبر سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب عليهالسلام وحين وصلت إلى القبر ، جلست تصنع حبات لمسبحتها من تراب قبر الشهيد ، اجل ... فاطمة تصنع مسبحة من تراب قبر الحمزة من اجل ان تعبق حبات هذه المسبحة برائحة الشهادة ، وتتضوع بعطر الشهيد الذي أقدم الفداء والتضحية ، من اجل الحق ، من اجل ان يحيا الإنسان في أمن وطمأنينة ، من اجل ان يعبد الناس رب العالمين في حرية ودون اكراه ... من اجل اعطاء الناس حرية وحقا وعدالة اجتماعية ... من اجل ان يندحر الظالمون ، وينهزم المستكبرون ويذل الطغاة في الأرض. وفاطمة الزهراء ، هنا تعطي الصلاة بعدا جهاديا تربويا ، انها تعطي العبادات ابعادا توعوية تزيد في رشد الأُمة ، وتنقص من غبائها وبلادتها ، نعم انها مسبحة للصلاة ، ولكنها ليست مسبحة جامدة فيها حبات من الطين ... كلا ... انما هي مسبحة مصنوعة من تراب ممزوج بدم الشهادة ونور الولاية ... وهذا هو الذي يجعل للصلاة معنى وقيمة ووزنا. ومن هنا جاءت فكرة السجود على تربة الحسين عليهالسلام في الصلاة وذلك حتى نتذكر دائما ان الصلاة لا تقوم في الأرض إلاّ بدماء الشهداء حيث :
لا يسلم الشرف الرفيع من الاذى |
|
حتى يراق على جوانبه الدمُ |
من كل ذلك نخرج بحصيلة نافعة مفادها : ان الشعائر الفارغة لا تؤدي دورا نافعا في الحياة ... بخلاف الشعائر المليئة بالمضمون ، والمحتوى فانها تبني الحياة وتسعد القلوب ، وتربي النفوس ، وهي بعد ذلك قائمة على التقوى ، وملاكها طهارة القلوب وصفاء النفوس. ولهذا نجد الزهراء ، حولت الشعائر الاسلامية إلى سلوك يتحرك في اعماق الإنسان ، وبين يديه ومن خلفه ... ان فاطمة حركت الشعائر في القلوب واعطتها قوة