دفع كبيرة يوم استطاعت ان تحرك العواطف ، وكثيراً من المشاعر ، وتغذي العقول بفصاحتها وبلاغتها وقوة بيانها. فهي لم تحرك مشاعر الذين عاصروها ، بل وأيضاً استطاعت ان تؤثر في كل الاجيال ، وفي الشعوب كافة بحيث اصبح اسمها رمزا للفداء والتضحية والبطولة والعظمة. نعم ، عندما يكون للشعار مضمون ، فهذه كانت نظرة الزهراء الثاقبة في التسبيح.
الشعار وحامله
شعارات كثيرة ارتفعت في الدنيا ، وزعماء لمعت اسماؤهم فترة من الزمن ، ولكنهم انطفأوا وانطفأت أسماؤهم ، عندما داست الجماهير شعارتهم تحت الارجل. في حين نجد شعارات انطلقت على أفواه زعماء آخرين مخلصين فعاش الزعماء والقادة في القلوب ، وظلت الشعارات متوجهة متدفقة لا ينقطع عطاؤها أبداً ... ولم تستطع قوى الظلام والضلال مجتمعة ان تطفئ شعيرة واحدة من تلكم الشعائر ... لانها انطلقت من الصدق والحق والحرية فعاشت في القلوب. ومن هنا نستطيع ان ندرك ـ على الفور ـ السبب المباشر في بقاء شعائر ، واندثار اخرى ... وفي انطفاء زعيم وعيش زعيم اخر. ان السبب الرئيسي في كل ذلك هو الصدق ... والصدق وحده هو الذي يستبقي الشعار ويجعله خالداً ... لأنّ معنى ذلك ان ليس هناك تنافر ولا تنازع بين الشعار وبين المبدأ الذي يحمله هذا القائد او ذلك. ان اول ما يؤدي سقوط الشعار هو ان يكون الشعار مخالفاً لسلوك الزعيم الذي يرفعه ... اما اذا التقيا : الشعار والمبدأ فان النتيجة واضحة وستكون حسنة وجيدة ، وهي الخلود الكامل للشعار وحامله ، ومن هنا فاننا نجد شعارات الاسلام خالدة وباقية لانها تنطلق من فطرة الإنسان تتغذى بالتقوى ، والإيمان بالله. يقول الحق : ( وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (١).
أي ان القلوب المليئة بالتقوى هي وحدها التي تغذي هذه الشعائر وتحفظها من
__________________
(١) سورة الحج : الآية ٣٢.