الصراط المستقيم فيكون نور هذه الحقيقة يظهر في قلب المؤمن على سبيل الذوق والوجدان فتأخذه هذه الحقيقة كل كيانه بل تكون هذه الشغل الشاغل في حياته ويسعى إلى الوصول اليها وعلى قدر القابليات والإستعدادات التي منحها الله تبارك وتعالى إليه هذا ما نجده من خلال أصحاب الأئمة عليهمالسلام الذين كانوا دائماً يسعون إلى الوصول والحصول على هذه الحقيقة فلذا ترى كميل بن زياد يسأل أمير المؤمنين علي بن طالب عليهالسلام عن هذه الحقيقة في الحديث المروي وهو أنه سأله عن الحقيقة بقوله ما الحقيقة فقال له عليهالسلام مالك والحقيقة ؟ فقال كميل : « أولست صاحب سرك » قال : « بلى ! ولكن يرشح عليك ما يطفح مني » فقال كيمل : « أو مثلك يخيب سائلاً ؟ ».
فقال عليهالسلام : « الحقيقة كشف سجات الجلال من غير إشارة » فقال كميل : « زدني فيه بياناً ». قال الإمام عليهاالسلام : « صحو الموهوم مع محو المعلوم ». قال كميل : « زدني فيه بياناً » قال الإمام عليهالسلام : « هتك السر لغلبة الستر » قال كميل : « زدني فيه بياناً ». قال الإمام عليهالسلام : « نور يشرق من صبح الأزل ، فيلوح على هياكل التوحيد آثاره » قال كميل : « زدني فيه بياناً ». قال الإمام عليهالسلام : « إطف السراج ، فقد طلع الصبح ».
إذن بسؤال المؤمن عن الحقيقة يصل إلى العلم بها وببعض جوانبها فلربما لا يستطيع معرفة كنُهها كما في قضية كميل بن زياد التي مرت عليك الآن ، فالعلم أول دليل يؤدي إلى المعرفة التي تنور القلب بحقيقة الإيمان ، والتي تكون هذه المعرفة برهان صدقٍ على نور الإسلام وحقيقة الإيمان ، وعليه نجد في كثير من الروايات الشريفة أن الأفضلية فيما بين المؤمنين بغض النظر عن التقوى التي هي من ملازمات المعرفة ، أقول نجد أن الأفضلية هي بالمعرفة فبعضنا أكثر حجاً من بعض وبعضنا أكثر صياماً وصلاة وصدقة من البعض ، ولكن الأفضلية بالمعرفة ، وعليه نجد في الروايات المأثور أن « أفضلكم إيماناً أفضلكم معرفة » (١).
إذن يظهر من خلال استقراء الأحاديث المأثورة عن أهل بيت العصمة أن قضية معرفة الحقيقة في حياة الفرد المؤمن مما لا يكن الإستهانة بها بل لابد من السعي إلى
__________________
(١) البحار : ٣ / ١٤.