( وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ) (١) ، حيث كان القرآن موافقاً في هذه المسألة للعقلاء أنفسهم وهذا ما نجده في طلب حوائجهم من الذين هم في موضع القيادة أو المسؤولية فيسألونهم قضاء حوائجهم وهم أما زعيم أو رئيس أو حتى رجل كريم ... وهذا ليس من الشرك في شيء ، فهذا مما يساعد عليه العرف العقلائي فنحن عندما نذهب إلى الطبيب نلتمس لديه الشفاء والعلاج وصولاً إلى الصحة والسلامة ، وما الطبيب الحقيقي إلاَّ الله تعالى فهل هذا يعتبر شركاً بالله عز وجل ؟ ويدل على هذا الأمر ما روي في قصة أبناء يعقوب على لسان القرآن الكريم عندما أدركوا انهم قد ارتكبوا ذنوباً كثيرة بحق أخيهم يوسف حيث جاءوا أباهم يعقوب قائلين : ( يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ ) (٢) على أساس أن أباهم هو وسيلة الغفران لهم من قبل رب العالمين ( وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ).
وعلى هذا الأساس كان التوسل أمراً دينياً قد تعارف عليه الناس منذ أن خلق الله البشرية وقد جاء الإسلام ليؤكد على ضرورة هذا الأمر وذلك من خلال إتخاذ الوسيلة التي نتوسل بها إلى الله تعالى ، ولم نجد من وقف ضد هذا الأمر ـ أي التوسل ـ إلاّ ما أسسه ابن تيمية وتلاميذه في القرن الثامن الهجري ، وتلاه في عقائده الباطلة والتي لا تمتلك دليل منطقي برهاني محمد بن عبد الوهاب الذي أسس أضل واطغى جماعة على الدين الإسلامي ألا وهي الوهابية العمياء فأعتبر التوسل بأولياء الله تعالى من الأنبياء والأوصياء وعباد الله الصالحين بدعة ـ تارة ـ وعبادة للأولياء أنفسهم تارة أخرىٰ.
وقد خالفت الوهابية كل المرتكزات العقلائية في هذا المضمار وخصوصاً نحن نؤمن بأن القرآن الكريم قد أكد على حقيقة اتخاذ الوسيلة وبأشكال متعددة ، وليس هذا على ما يدعيه محمد بن عبد الوهاب نوعاً من أنواع الشرك بالله تعالى ، والقرآن الكريم نفسه أكد على ضرورة اتخاذ الوسيلة إلى الله تعالى.
والتوسل يكون على قسمين أو صورتين :
__________________
(١) المائدة : ٢٥.
(٢) يوسف : ٩٧.