من زوجي ؟! ولن تنتهي آثارها إلى يوم القيامة ... فبئس عاقبة الخلافة التي توسلت بالحيلة والجور ... بماذا سار المسلمون وانتشرت كلمة الاسلام ؟! بوحدة الكلمة ! والاتحاد بين فصائل المجتمع وصلوا إلى العظمة والرقي ...
آه ... اذهبوا ريحهم ... واوقعوا الخلاف بينهم ، وبدلوا قوة الاسلام الواحدة وطاقة المسلمين المهيبة إلى قوى وطاقات متناثرة ، وجروا العالم الاسلامي إلى العجز والضعف والفرقة والذلة ... آه ... انا فاطمة ـ عزيزة رسول الله ـ ارقد الآن على فراش المرض ؟! لم يخف انيني من ضربات هذه الأمة المبرحة ... وأقف على اعتاب الموت ؟ ... أين وصايا أبي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟.
... رباه ... أعلي الشجاع القوي أراه ـ اليوم ـ مضطراً إلى السكوت عن حقه المشروع لحفظ مصلحة الاسلام العليا ؟ ...
اقتربت ساعتي ... وحان أجلي ... وها أنذا أودع الحياة في ربيع عمري وأيام شبابي ... وسأنجو من الهموم والغصص ...
ولكن ... ماذا عن أيتامي الذين سيبقون بعدي ؟ ... أولادي ... الحسن ... الحسين ... زينب ... أم كلثوم ...
آه ... يا للمصائب التي تصب عليهم ـ أيتامي الأعزاء على قلبي ـ. فاني سمعت ابي يقول ـ مراراً ـ : يموت ولدك الحسن مسموماً ، والحسين مقتولاً بالسيف شهيداً عطشاناً ... وهذه علامات ذلك وامارته تلوح لي وأراها بعيني ... كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يأخذ صغيري الحسين ـ مرة ـ ويقبل نحره ويبكي لمصيبته ، ويأخذ الحسن ـ اخرى ـ ويلصق صدره بصدره ويقبله في فمه ، ويذكر مصائب زينب ، وأم كلثوم فيبكي ...
نعم ... كانت تمر هذه الخواطر في ذهن فاطمة عليهاالسلام وتؤلمها ، فتشحب يوما بعد يوم ، وتنحل ساعة بعد ساعة ، وقد ورد في الاثر ان فاطمة لما حضرتها الوفاة بكت ، فقال لها أمير المؤمنين : يا سيدتي ما يبكيك ؟ قالت : أبكي لما تلقى بعدي ، فقال لها : لا تبكي ، فوالله ان ذلك لصغير عندي في ذات الله (١).
__________________
(١) البحار : ٤٣ / ٢١٨.