ليصلوا عليها ، وخرج أبو ذر ، وقال : انصرفوا فان ابنة رسول الله قد اخر اخراجها في العشية (١). وأقبل أبو بكر وعمر يعزيان عليا عليهالسلام ، ويقولان له : يا أبا الحسن لا تسبقنا بالصلاة على ابنة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢). ولكن عليا غسلها وكفنها هو واسماء في تلك الليلة ثم نادى : يا ام كلثوم ، يا زينب يا حسن ، يا حسين ، هلموا تزودوا من امكم فهذا الفراق واللقاء في الجنة ، وبعد قليل نحاههم امير الؤمنين عليهالسلام (٣) عنها. ثم صلى علي على الجنازة ، وشيعها والحسن والحسين وعقيل وسلمان وأبو ذر والمقداد وعمار وبريدة والعباس وابنة الفضل (٤). فلما هدأت الاصوات ونامت العيون ومضى شطر من الليل أخرجها امير المؤمنين عليهالسلام ودفنها سرا وأهال عليها التراب ، والمشيعون من حوله يترقبون لئلا يعرف القوم ، ويمنعهم المنافقون ، فدفنوها وعفوا تراب قبرها.
وقوف الإمام عليهالسلام على قبرها
انتهت مراسم الدفن بسرعة خوفاً من انكشاف امرهم وهجوم القوم عليهم ، فلما نفض الإمام يده من تراب القبر هاج به الحزن لفقد بضعة الرسول التي تذكر به وزوجته الودود التي عاشت معه الصفا والطهارة والتضحية ، وتحملت من اجله الاهوال والصعاب فوا غوثاه ... من هظمها ... من آلامها ... من تصدع قلبها ... وا غوثاه من كسر ضلعها ... واسوداد عضدها ... واسقاط جنينها ... ولكن.
لكل اجتماع من خليلين فرقة |
|
وكل الذي دون الممات قليل |
وان افتقادي فاطم بعد احمد |
|
دليل على ان لا يدوم خليل |
فأرسل دموعه على خديه ، وحول وجهه إلى قبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك من ابنتك وحبيبتك وقرة عينك وزائرتك ، والبائنة
__________________
(١) البحار : ٤٣ / ١٩٢.
(٢) البحار : ٤٣ / ١٩٩.
(٣) البحار : ج ٤٣ / ص ١٧٩.
(٤) البحار : ٤٣ / ١٨٣.